نكون بوزن نفعل، فلما جزم الفعل المضارع الصحيح الآخر سكّن آخره، فصار نكون فالتقى ساكنان، فحذفت الواو، فصار نكن بوزن نفل، ثم حذفت النون حذفًا غير مطرد، فقيل:{نَكُ}. وهذه النون يجوز حذفها إلا إذا اتصل بها ضمير نصب، أو كان بعدها ساكن، نحو:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}. قال ابن مالك:
{وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥)} أي: نخالط أهل الباطل في باطلهم، فكلما غوى غاوٍ غوينا معه. {كنا} أصل كان: كون بوزن فعل، قلبت الواو ألفًا لتحركها بعد فتح فصار كان ثم أسند الفعل إلى ضمير الرفع المتحرك "نا" فسكن آخره لذلك فالتقى ساكنان الألف والنون آخر الفعل فحذفت الألف ثم ألغيت حركة فاء الكلمة، وعوض عنها حورة مناسبة لعين الفعل المحذوفة لتدل على العين المحذوفة، هل هي واو أو ياء، فلمّا ضمّت الفاء التي هي الكاف علم أن العين المحذوفة واو لمناسبة الضمّة للواو، وهكذا كلّ أجوف واويّ العين أسند إلى ضمير رفع متحرك. {نَخُوضُ} أصله: {نخوض} بوزن نفعل، نقلت حركة الواو إلى الخاء فسكنت إثر ضمة فصارت حرف مدّ. {مَعَ الْخَائِضِينَ} فيه إعلال بالإبدال، أصله: الخاوضين من خاض يخوض، أبدلت الواو همزة في الوصف حملًا له على فعله خاض في الإعلال، حيث قلبت واوه ألفا لتحركها بعد فتح. {أَتَانَا الْيَقِينُ} أصله: أتينا، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح.
{فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)}؛ أي: من أسد، وهي فعولة من القسر، وهو القهر والغلبة؛ لأنّه يغلب السباع ويقهرها. {كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ} قال في "القاموس": المرء مثلثة الميم: لا الإنسان أو الرجل، ولا يجمع من لفظه، ومع ألف الوصل ثلاث لغات: فتح الراء دائمًا وضمها دائمًا وكسرها دائمًا. {صُحُفًا} جمع صحيفة بمعنى الكتاب. {مُنَشَّرَةً}؛ أي: منشورة؛ أي: غير مطوية؛ أي: طرية لم تطو بل تأتينا وقت كتابتها، وهذا من زيادة تعنّتهم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع: