ولما كان في سورة الإنسان ذكر نزرًا من أحوال الكفّار في الآخرة، وأطنب في وصف أحوال المؤمنين فيها جاء في هذه السورة الإطناب في وصف الكفّار والإيجاز في وصف المؤمنين، فوقع بذلك الاعتدال بين السورتين.
{وَالْمُرْسَلَاتِ}{الواو}: حرف جرّ وقسم، {المرسلات} مجرور بواو القسم، الجار والمجرور متعلق بفعل قسم محذوف تقديره: أقسم بالمرسلات، وجملة القسم مستأنفة استئنافًا نحويًّا. و {عُرْفًا}، إما حال من الضمير المستكن في المرسلات إن كان مأخوذًا من عرف الفرس؛ أي: شعر عنق الفرس، والمعنى على التشبيه؛ أي: أقسم بالرياح المرسلات حال كونها شبيهة بعرف الفرس من حيث تلاحقها وتتابعها كما أنّه كذلك. أو منصوب على المصدرية؛ أي: والمرسلات إرسالًا عرفًا؛ أي: متتابعًا متلاحقًا. أو على أنّه مفعول لأجله إن كان بمعنى المعروف؛ أي: والمرسلات لأجل العرف؛ أي؛ أرسلت للإحسان والمعروف. وجواب القسم وما عطف عليه قوله الآتي: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (٧)}. {فَالْعَاصِفَاتِ}{الفاء}: عاطفة للتعقيب، {العاصفات} معطوف على {المرسلات}، وهي اسم فاعل من العصف بمعنى الشدّة، {عَصْفًا} مصدر مؤكّد منصوب على المفعولية المطلقة بـ {العاصفات}، {وَالنَّاشِرَاتِ} معطوف أيضًا على {وَالْمُرْسَلَاتِ}، {نَشْرًا} مفعول مطلق منصوب بـ {الناشرات}، {فَالْفَارِقَاتِ} معطوف على {الناشرات}، {فَرْقًا} منصوب على المفعولية المطلقة بـ {الفارقات}، {فَالْفَارِقَاتِ} معطوف على {الفارقات}، {ذِكْرًا} مفعول به لـ {الملقيات}. {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (٦)} منصوبان على البدلية من {ذِكْرًا} أو على أنّهما مفعولان لأجله أو على الحال من الضمير المستكن في {الملقيات} أي: معذرين ومنذرين. {إِنَّمَا} إنّ حرف نصب وتوكيد، {مَا} اسم موصول بمعنى الذي في محل النصب اسمها، ولا تكون {مَا} هنا مصدرية ولا كافّة، وقد مرّ لك أنها كتبت هنا متصلة بـ {إن} إتباعًا لرسم المصحف الإمام.