للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له، وسائلًا عونه، والشفاعة في اصطلاحهم: طلب الخير للغير من الغير.

البلاغة

{تِلْكَ الرُّسُلُ}: وأشار بتلك التي للبعيد؛ لبُعْد ما بينهم من الأزمان، وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو بُعْد مرتبتهم في الكمال، وأتى بتلك التي للواحدة المؤنثة وإنْ كانَ المشار إليه جمعًا؛ لأنه جمع تكسير، وجمع التكسير حكمهُ حكمُ الواحدة المؤنثة في الوَصْفِ، وفي عود الضمير، وفي غير ذلك. وكان جمعَ تكسيرٍ هنا لاخْتِصَارِ اللفظِ، ولإزالةِ قلق التكرار؛ لأنه لو قال: أولئك المرسلون فضلنا .. كان في اللفظ طولٌ، وكان فيه التكرارُ.

{فَضَّلْنَا}: فيه التفات؛ لأنه خروج إلى متكلِّم من غائب؛ إذ قبله ذُكِر لفظُ الله، وهو لفظٌ غائبٌ. {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ}: هذا تفصيل لذلك التفضيل، ويسمى هذا في البلاغة: التقسيم، وكذلك في قوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ}. وبَيْن لفظِ {آمَنَ} و {كَفَرَ} طِباقٌ، وفي قوله: {كَلَّمَ اللَّهُ} أيضًا: التفات؛ إذ هو خروج إلى ظاهرٍ غائبٍ منْ ضميرٍ متكلمٍ؛ لِمَا في ذِكْر هذا الاسم العظيم من التفخيم والتعظيم، ولزوالِ قلق تكرار ضمير المتكلم؛ إذ كان التركيب فضَّلْنا وكلَّمنا ورَفَعْنَا وآتينا.

{وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}: وفي هذا الإبهام من تفخيم فضله، وإعلاء قدره ما لا يخفى؛ لما فيه من الشهادة على أنه العَلَمُ الَّذي لا يَشْتَبه، والمتميِّز الذي لا يَلْتَبِسُ. وفي قوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا}: الإطنابُ حيث كَرَّر جملة {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ}.

{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}: فيه قصرُ الصفة على الموصوف، وقد أُكِّدتْ بالجملة الإسمية، وبضمير الفصل.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *