للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سفيان بن حسين شذوذًا {أوَ كالذي} بفتح الواو، وهي حرف عطف دخل عليها ألف التَّقْرِيرِ، والكاف بمعنى إلى فهو معطوف على قوله: {إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ}؛ أي: أَلَمْ ينتهِ علمك يا محمَّد إلى قصة الذي حاج إبراهيم، وإلى قصة الذي مرَّ وجاوز على قرية وهو عزير بن شرخيا؟ والقرية: هي بيت المقدس حين خربه بُخْتُنَصَّرُ، أو القريةُ التي أَهْلَكَ اللهُ فيها الذين خَرجُوا مِنْ دِيارَهِم حذَرَ الموتِ، أَيْ: هل انْتَهى إليك يا محمَّد خَبرُهُ وقصتُه كيف هداه الله وأخرجه من ظلمةِ الاشتباهِ إلى نور العيان؟.

ومقصود القصة (١): تعريف منكري البعث قدرة الله تعالى على إحياء خلقه بعد إماتتهم، لا تعريف اسم ذلك المار في هذه القصةِ دلالة عظيمة بنبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أخبر اليهود بما يجدونه في كتبهم ويعرفونه، وهو أميٌّ لم يقرأ الكتب القديمة.

{وَهِيَ}؛ أي: والحال أن تلك القرية {خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا}؛ أي: خالية ساقطة جدرانها على سقوفها؛ وذلك أن السقوف سقطت أولًا، ثم وقعت الحيطان عليها بعد ذلك. {قَالَ} ذلك المار {أَنَّى يُحْيِي}؛ أي: كيف يحيي {هَذِهِ} القرية الخاوية {اللهُ} سبحانه وتعالى {بَعْدَ مَوْتِهَا}؛ أي: قال كيف يحي الله سبحانه وتعالى أهل هذه القرية بعد موتهم!! تعجبًا من قدرة الله تعالى على إحيائها، واستعظامًا لقدرته، واعترافًا بالقصور عن معرفة طريق الإحياء؛ وذلك (٢) لِمَا رأى من دثورها، وشدة خرابها، وبُعدها عن العود إلى ما كانت عليه. {فأماته الله} مكانه فالبثه ميتًا {مائة عامٍ} وعمرت القرية بعد مضى سبعين سنة من موته وتكامل ساكنوها وتراجع بنوا إسرائيل إليها {ثُمَّ بَعَثَهُ}؛ أي: أحياه في آخر النهار، فلما (٣) بعثه الله عَزَّ وَجَلَّ بعد موته، كان أول شيء أحيا الله فيه: عينيه؛ لينظر بهما إلى صنع الله فيه كيف يحي بدنه، فلما استقل سويًّا {قَالَ} الله تعالى له بواسطة المَلَك: يا عزير {كَمْ لَبِثْتَ} أي: مكثت هنا بعد الموت؛


(١) الخازن.
(٢) ابن كثير.
(٣) ابن كثير.