قوله تعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ ...} مناسبة هذه الآيات لما قبلها ظاهرةٌ؛ لما فيها من بيان أمر كلي شامل لجميع أفراد النفقات، وما في حكمها من النذور، بعد ما بيّن ما كان منها في سبيل الله تعالى. ولا تزال الآيات تتحدَّث عن الإنفاق في وجوه البر والخير، وأعلاها: الجهاد في سبيل الله، والإنفاق لإعلاء كلمة الله، وتُرغِّب في إخفاء الصدقات؛ لأنها أبعد عن الرياء.
قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ...} مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما ذكر تعالى قوله: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} الآية. اقتضى أنه ليس أحد آتاه الله الحكمة، فانقسم الناس من مفهوم هذا قسمين: من أتاه الله الحكمة فهو يعمل بها، ومن لم يؤته إياها فهو يخبط عشواء في الضلال، فنبه بهذه الآية أن هذا القسم ليس عليك هداهم، بل الهداية، وإيتاء الحكمة. إنما ذلك إلى الله تعالى ليتسلى بذلك في كون هذا القسم لم يحصل له السعادة الأبدية، ولينبه على أنهم وإنْ لم يكونوا مهتدين تجوز الصدقة عليهم.