وتقدم هناك أن الأول أولى.
{غَاسِقٍ} الغاسق الليل إذا اعتكر واشتد ظلامه، قال الشاعر:
يَا طَيْفَ هِنْدٍ لَقَدْ أَبْقَيْتَ لِيْ أَرَقَا ... إِذْ جِئْتَنَا طَارِقًا وَاللَّيْلُ قَدْ غَسَقَا
{وَقَبَ} دخل ظلامه في كل شيء يقال: وقبت الشمس إذا غابت، وفي الحديث: "لما رأى الشمس قد وقبت قال هذا حين حلها" يعني صلاة المغرب، وهناك أقوال أخرى ليس هذا موضعها كما مر بعضهاهنالك.
{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ}: جمع نفاثة، كعلَّامة صيغة مبالغة من النفث، وهو النفخ مع ريق يخرج من الفم، وهن السواحر اللاتي تنفث في العُقَد التي تعقدها، كما في "المختار"، وشبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل، وقد نفث الراقي من بابي ضرب ونصر.
{فِي الْعُقَد}: جمع عقدة، وهي الربطة التي تُعقد في الخيط والوتر.
{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)} والحسد: أن تتمنى زوال نعمة المحسود عنه مطلقًا دينية كانت أو دنيوية، يقال: حسده يحسده من باب دخل، وقال الأخفش وبعضهم يقول: يحسِد - بالكسر - حَسَدًا - بفتحتين - وحسادة بالفتح وا هـ. "مختار". وفي "المصباح": حسدته على النعمة، وحسدته النعمة حسدًا بفتح السين أكثر من سكونها يتعدى إلى الثاني بنفسه وبالحرف إذا كرهتها عنده وتمنيت زوالها عنه اهـ.
فائدة: قال بعض الحكماء: بارز الحاسد ربه من خمسة أوجه:
أولها: أنه أبغض كل نعمة ظهرت على غيره.
ثانيها: أنه ساخط قسمة ربه كأنه يقول: لم قسمت هذه القسمة.
ثالثها: أنه يعاند فعل الله تعالى.
رابعها: أنه يريد خذلان أولياء الله تعالى.
خامسها: أنه أعان عدو الله إبليس اللعين. انتهى.
وقال بعضهم: الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضًا، ولا ينال في الخلوة إلا جزعًا وغمًا، ولا ينال في الآخرة إلا حزنًا واحتراقًا، ولا ينال من الله إلا بعدًا ومقتًا. انتهى.