وقرأ عاصم في رواية أبي بكر في جميع القرآن:{رُضوان} بضم الراء ما عدا الثاني في سورة المائدة وهو قوله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} ففيه عنه خلاف. وقرأ باقي السبعة: بالكسر، وهما لغتان.
وخلاصة المعنى: أن للذين اتقوا وأخبتوا إلى ربهم، وأنابوا إليه نوعين من الجزاء:
أحدهما: جسماني: وهو الجنات وما فيها من النعيم والخيرات والأزواج المبرأة من العيوب التي في نساء الدنيا خَلْقًا وخُلُقًا.
وثانيهما: روحاني عقلي: وهو رضوان الله الذي لا يشوبه سخط، ولا يعقبه غضب، وهو أعظم اللذات كلها في الآخرة عند المتقين.
وفي الآية إيماء إلى أن أهل الجنة مراتب وطبقات، كما نرى ذلك في الدنيا، فمنهم من لا يفقه لرضوان الله معنى، ولا يكون ذلك باعثًا له على فعل الخير وترك الشر، وإنما يفقه اللذات الحسية التي جربها في الدنيا ففي مثلها يرغب.
ومنهم من ارتقى إدراكه وعظم قربه من ربه، فيتمنى رضاه، ويجعله الغاية القصوى والسعادة التي ليس وراءها سعادة.
وقد نبه بهذه الآية على نعمه، فأدناها متاع الدنيا، وأعلاها رضوان الله تعالى؛ لقوله سبحانه وتعالى:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}، وأوسطها الجنة ونعيمها.
{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}؛ أي: بصير بأعمالهم مطلع عليها عالم بمن يؤثر ما عنده ممن يؤثر شهوات الدنيا، فيجازي كلًّا بعمله، فيثيب ويعاقب على قدر