عليه. وفي لفظ مسلم:"فيقول: أنا الملك أنا الملك مَنْ ذا الذي يدعوني ... " الحديث، وله في رواية أخرى:"فيقول: هل من سائل فيُعطى، هل من داعٍ فيستجابَ له، هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الصبح". وهذا الحديث من أحاديث الصفات، فمذهب السلف فيه الإيمان به وإجراؤه على ظاهره ونفي الكيفية عنه، وهو الأسلم الأعلم، وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل، ثم يقول: يا نافع هل جاء السحر؟ فإذا قال: نعم .. أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح. رواه ابن أبي حاتم.
وخلاصة الكلام: أن المتقين هم الذين جمعوا هذه الصفات المذكورة التي لكل منها درجة في الفضل وشرف ورفعة، وبها نالوا هذا الوعد وهي خمسة:
إحداها: الصبر، وأكمل أنواعه: الصبر على أداء الطاعات، وترك المحرمات، فإذا هبت أعاصير الشهوات، وجمحت بالنفس إلى ارتكاب المعاصي، فلا سبيل لردعها إلا بالصبر، فهو الذي يثبت الإيمان ويقف بها عند حدود الشرع، وهو الحافظ لشرف الإنسان في الدنيا عند المكاره، ولحقوق الناس أن تغتالها أيدي المطامع، وهو كالشرط في كل ما يذكر بعده من الصدق والقنوت والاستغفار بالأسحار.
وثالثتها: القنوت، وهو المداومة على الطاعة والإخبات إلى الله مع الخشوع والخضوع وهو لبُّ العبادة وروحها وبدونه تكون العبادة جسمًا بلا روح وشجرة بلا ثمرة.
ورابعتها: الإنفاق للمال في جميع السبل التي حث عليها الدين سواء أكانت النفقة واجبة أم مستحبة فالإنفاق في وجوه الخير جميعًا مما حث عليه الشارع وندب إليه.