للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ}: فيه إطلاق الجزء وإرادة الكل، ففيه مجاز مرسل علاقته الكلية، وإنما خص الوجه؛ لشرفه ولاشتماله على معظم القوى والمشاعر، ولأنه معظم ما تقع به العبادة من السجود والقراءة، وبه يحصل التوجه إلى كل شيء.

{وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}: وضع (١) الموصول موضع الضمير؛ لرعاية التقابل بين وصفي المتعاطفين؛ لأن الأميين يقابلون بالذين أوتو الكتاب.

{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}: الأصل في البشرة أن تكون في الخير، واستعمالها في الشر؛ للتهكم، ويسمَّى هذا: الأسلوب التهكمي؛ حيث نزل الإنذار منزلة البشارة السارة، كقوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٣٨)}، وهو أسلوب مشهور.

قال أبو حيان (٢): ومن ضروب البلاغة في هذه الآيات:

منها: الاستفهام الذي يرد به التقرير أو التوبيخ والتقريع في قوله: {أَأَسْلَمْتُمْ}.

ومنها: الطباق المقدَّر في قوله: {فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} ووجهه أن الإِسلام: الانقياد إلى الإِسلام والإقبال عليه، والتولي ضد الإقبال، والتقدير: وإن تولوا .. فقد ضلوا، والضلالة ضد الهداية.

ومنها: الحشو الحسن في قوله: {بِغَيْرِ حَقٍّ} فإنه لم يقتل قطٌّ نبي بحق، وإنما أتى بهذه الحشوة؛ ليتأكد قبح قتل الأنبياء ويعظم أمره في قلب العازم عليه.

ومنها: التكرار في قوله: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ} تأكيدًا لقبح ذلك الفعل.

ومنها: الزيادة في قوله: {فَبَشِّرْهُمْ} زاد الفاء إيذانًا بأن الموصول ضمن معنى الشرط.


(١) أبو السعود.
(٢) البحر المحيط.