لها، فقال: يا معشر قريش، والله لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، فقالت قريش: إنما نعبدها حبًّا لله؛ لتقربنا إلى الله زلفى، فنزلت هذه الآية.
وقيل: إنَّ نصارى نجران قالوا: إنما نقول هذا القول في عيسى حبًّا لله وتعظيمًا له، فأنزل: قل يا محمَّد إن كنتم تحبون الله.
التفسير وأوجه القراءة
{قُلْ} يا محمَّد معظمًا لربك وشاكرًا له ومفوضًا إليه ومتوكلًا عليه {اللَّهُمَّ}؛ أي: يا إلهي ويا معبودي ويا {مَالِكَ الْمُلْكِ} ويا صاحب السلطنة والغلبة العامة لجميع الكائنات، وقيل: يا مالك الخلق من العرش إلى الفرش، ومدبرهم ومصرفهم، وقيل: يا مالك الدنيا والآخرة أنت ربنا سبحانك لك السلطان الأعلى، والتصرف التام في تدبير الأمور، وإقامة ميزان النظام العام في الكائنات، فأنت {تُؤْتِي} وتعطي {الْمُلْكِ} الخاص والسلطنة والغلبة {مَنْ تَشَاءُ} وتريد إيتاءه وإعطاءه له من خلقك، فتملكه وتسلطه على من تشاء، أو تعطي النبوة من تشاء، كمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها أعظم مراتب الملك؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - له الأمر على الخلائق من جهة مالك الملوك، لا بالسياسة والأسباب الاجتماعية بتكوين القبائل والشعوب {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ}؛ أي: تسلب الملك {مِمَّنْ تَشَاءُ} أن تسلبه منه؛ إما بالموت، أو إزالة العقل، أو إزالة القوى والحواس، أو بورود التلف على الأموال، أو بانحراف الناس عن الطريق السوي الحافظ للملك؛ من العدل، وحسن السياسة، وإعداد القوة بقدر المستطاع؛ كما نزعه من بني إسرائيل وغيرهم؛ بظلمهم وفسادهم، أو تنزع النبوة ممن تشاء، وتؤتيها من تشاء. ومعنى: نَزْعِها: نقلها من قومٍ إلى قومٍ؛ كما نقلها من بني إسرائيل إلى العرب، فأعطاها محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا نبي بعده، ولم يشركه في نبوته ورسالته أحد. {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ} إعزازه بإعطائه الملك والسلطنة، وتنصره على عدوه، أو بالإيمان والحق وبالأموال الكثيرة من الناطق والصامت، وبإلقاء الهيبة في قلوب الناس، أو بالنبوة والرسالة، كمحمد - صلى الله عليه وسلم - {وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} إذلاله بسلب ملكه، وتسليط عدوه عليه، أو بالكفر والباطل، أو بنزع النبوة منهم وضرب الجزية عليهم؛ كاليهود، فأنت