ويقال؛ إذ تخر من الذخر، أبدلت التاء دالًا، فصار: إذ دخر، ثم أدغمت الذال في الدال فقيل: ادّخر كما قيل: ادّكر في: اذدكر، فأصل تدخرون: تذدخرون؛ لأنه من باب افتعل كما مر في مقام التفسير.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات من ضروب البلاغة:
منها: المجاز المرسل في قوله: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ} إذا أريد بالملائكة جبريل، فهو من باب تسمية الخاص باسم العام تعظيمًا له، فهو مجاز مرسل علاقته العموم.
ومنها: التكرار المسمى بالإطناب في قوله: {اصْطَفَاكِ}، وفي {يَا مَرْيَمُ}، وفي قوله:{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ}.
ومنها: التقديم والتأخير في {وَاسْجُدِي}{وَارْكَعِي} على بعض الأقوال.
وقال "أبو السعود"(١): وتكرير النداء في قوله: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي} للإيذان بأن المقصود بهذا الخطاب ما يرد بعده، وأن الخطاب الأول من تذكير النعمة تمهيدًا لهذا التكليف وترغيبًا في العمل به. انتهى. وقال أيضًا:{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ} لا يخفى ما فيه من التهكم؛ إذ هو تقرير لكون ما ذكر وحيًا على طريقة التهكم بمنكريه، فإن طريق هذه الأمور الغريبة؛ إما المشاهدة، وإما السماع، وعدمه محقق عندهم، فبقي احتمال المعاينة المستحيلة باعترافهم، فنفيت تهكمًا بهم. انتهى.
{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ}: التكرير فيه مع تحقيق المقصود بعطف {إِذْ يَخْتَصِمُونَ} على؛ {إِذْ يُلْقُونَ} للدلالة على أن كل واحد من عدم حضوره إلقاء الأقلام، وعدم حضوره عند الاختصام، مستقل بالشهادة على بنوته.