للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العشرة؛ أي: بما يعمل المنافقون من عداوتهم ومكرهم، وإذايتهم إياكم {مُحِيطٌ} فيعاقبهم عليه، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، وهي قراءة شاذة بـ {التاء} الفوقية، والمعنى عليها: إنه تعالى عالم بما تعملون من الصبر والتقوى وغيرهما، فيفعل بكم أيها المؤمنون ما أنتم مستحقون له.

والمعنى (١): إنه تعالى عالم بعمل الفريقين، ومحيط بأسباب ما يصدر من كل منهما، ومقدماته، ونتائجه، وغاياته، فهو الذي يعتمد على إرشاده في معاملة أحدهما للآخر، ولا يمكن أن يعرف أحدهما من نفسه ما يعلمه ذلك المحيط بعمله، وعمل من يناهضه ويناصبه العداوة، فهداية الله للمؤمنين خير وسيلةٍ للوصول إلى أغراضهم، ومآربهم. وهذه الجملة كالعلة لكون الاستعانة بالصبر، والتمسك بالتقوى شرطين للنجاح.

وخلاصة المعنى: أن الله قد دلكم على ما ينجيكم من كيد أعدائكم، فعليكم أن تمتثلوا، وتعلموا أنه محيط بأعمالهم، وهو القادر على أن يمنعهم مما يريدون بكم فثقوا به، وتوكلوا عليه.

الإعراب

{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}.

{لَيْسُوا} فعل ناقص، واسمه {سَوَاءً} خبرها، وجملة {ليس} من اسمها وخبرها مستأنفة. {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} جار ومجرور، ومضاف إليه متعلق بمحذوف خبر مقدم. {أُمَّةٌ} مبتدأ مؤخر. {قَائِمَةٌ} صفة له. والجملة الإسمية مستأنفة استئنافًا بيانيًّا. وفي "الفتوحات" قوله (٢): {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} استئنافٌ مبين لكيفية عدم تساويهم، ومزيلٌ لما فيه من الإبهام كما أن ما سبق من قوله تعالى: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} الخ مبين لقوله {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} الخ. انتهى.

{يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}.


(١) المراغي.
(٢) جمل.