للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الطاعة بالإِسلام، والتوبة والإخلاص، وأمال الدوري في قراءة الكسائي {وَسَارِعُوا} لكسرةِ الراء.

وقرأ أُبيٌّ وعبدُ الله {وسابقوا} وهي شاذَّةٌ.

أي: وسابقوا وبادروا {إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}؛ أي: إلى ما يوجب (١) المغفرة من ربكم، وهي الأعمال الصالحة المأمور بفعلها. قال ابن عباس رضي الله عنهما إلى الإِسلام، ووجهه أنَّ الله تعالى ذكر المغفرة على سبيل التنكير، والمراد منه المغفرة العظيمة، وذلك لا يحصل إلا بسبب الإِسلام؛ لأنه يَجُبُّ ما قبله. وعن ابن عباس أيضًا إلى التوبة من الرّبا والذنوب؛ لأنَّ التوبة من الذنوب توجب المغفرة. وقال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: إلى أداء الفرائض لأنَّ اللفظ مطلق فيعم الكل.

وروي عن أنس بن مالك، وسعيد بن جبير، أنها التكبيرة الأولى يعني تكبيرة الإحرام، وقيل: إلى الإخلاص في الأعمال، كما قاله عثمان بن عفان؛ لأنَّ المقصود من جميع العبادات هو الإخلاص. وقيل: إلى الهجرة، وقيل: إلى الجهاد، كما قاله الضحاك، ومحمد بن إسحاق. وينبغي (٢): أن تحمل هذه الأقوال على التمثيل، لا على التعيين والحصر. {وَجَنَّةٍ}؛ أي: وسارعوا إلى جنة موصوفة بما سيأتي، وأنما فصل بين المغفرة والجنة؛ لأن معنى المغفرة إزالة العقاب، ومعنى الجنة إيصال الثواب، فلا بد للمكلف من تحصيل الأمرين فجمع بينهما للإشعار؛ بأنه لا بدَّ من المسارعة إلى التوبة الموجبة للمغفرة، وذلك بترك المنهيات، ومن المسارعة إلى الأعمال الصالحة المؤدية إلى الجنة.

{عَرْضُهَا}؛ أي: عرض تلك الجنة وسعتها {السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}؛ أي: كعرض السموات السبع والأرضين السبع وسعتهما، بمعنى لو جعلت السموات والأرض طبقًا طبقًا، ووصلت تلك الطبقات بعضها ببعض كالثياب، وجعلت طبقًا


(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط.