محمد حيٌّ لا يموت، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقاتلوا على ما قاتل عليه، وموتوا على ما مات عليه، ثم قال: اللهم إنّي أعتذر إليك مما قال هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل رضي الله عنه فنزلت {وَمَنْ يَنْقَلِبْ} أي: ومن يرجع {عَلَى عَقِبَيْهِ}؛ أي: إلى دينه الأول، وهو الشرك {فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا}؛ أي: فلن ينقص الله رجوعه شيئًا، وإنما يهلك نفسه بإقباله على العذاب، أو المعنى؛ ومن يرجع عن جهاده ومكافحته الأعداء فلن يضر الله شيئًا بما فعل، بل يضر نفسه بتعريضها للسخط والعذاب وحرمانها من الثواب، فالله قد وعد بنصر من ينصره ويعز دينه، ويجعل كلمته هي العليا، وهو لا محالة منجزٌ وعده، ولا يحول دون ذلك ارتداد الضعفاء، والمنافقين على أعقابهم فهو سيثبت المؤمنين، ويمحصهم حتى يكونوا كالتبر الخالص، فيقيموا دينه وينشروا دعوته، ويرفعوا شأنه وتنشر على الخافقين رايته، وهو الذي بيده الخلق، والأمر، وهو القادر على كل شيء {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} له نعمه عليهم بالإيمان, والهداية إلى أقوم السبل الثابتين على دين الإِسلام، الذي هو أجل نعمةٍ وأعز معروفٍ كأنس بن النضر وأمثاله، أي: يجازيهم في الدنيا والآخرة بما يستحقون من النصر على أعدائهم، والثواب الجسيم.
وفي الآية إرشادٌ إلى أن المصائب التي تحل بالإنسان لا مدخل لها في كونه على حق أو باطل، فكثيرًا ما يبتلى صاحب الحق بالمصائب والرزايا، وصاحب الباطل بالنعم والعطايا.
وفيها إيماءٌ إلى أنا لا نعتمد في معرفة الحق والخير على وجود العلم بحيث نتركهما عند موته بل نسير على منهاجهما حين وجوده وبعد موته.
والخلاصة: أن الله أوجب علينا أن نستضيء بالنور الذي جاء به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -، أمَّا ما يصيب جسمه من جرحٍ أو ألمٍ، وما يعرض له من حياةٍ أو موت، فلا مدخل له في صحة دعوته، ولا في إضعاف النور الذي جاء به، فإنما هو بشرٌ مثلكم خاضعٌ لسنن الله كخضوعكم.
والخلاصة: أن قتل محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يوجب ضعفًا في دينه، لأمرين: