للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نفسه أسماءً: فقال: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا المقفى، ونبي التوبة، ونبي الرحمة". رواه مسلم. والمقفى هو آخر الأنبياء الذي لا نبي بعده.

والهمزة في قوله: {أَفَإِنْ مَاتَ} للاستفهام (١) الإنكاري، والفاء للعطف ورتبتها التقديم, لأنها حرف عطف. وإنما قدمت الهمزة, لأن لها صدر الكلام. وقال ابن الخطيب: الأوجه: أن يقدر محذوف بعد الهمزة، وقبل الفاء، وتكون الفاء عاطفة، ولو صرح به لقيل أتؤمنون به مدة حياته؛ فإن مات كما مات موسى، وإبراهيم وغيرهما {أَوْ قُتِلَ} كما قتل زكريا، ويحيى {انْقَلَبْتُمْ} ورجعتم {عَلَى أَعْقَابِكُمْ} وأدباركم، وارتددتم راجعين عن دينكم، فتخالفوا سنن أتباع الأنبياء قبلكم في ثباتهم على ملل أنبيائهم بعد موتهم، والرسول ليس مقصودًا لذاته، بل المقصود ما أرسل به من الهداية التي يجب على الناس أن يتبعوها.

أي: لا ينبغي منكم الارتداد حينئذٍ؛ لأنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مبلغ لا معبودٌ، وقد بلَّغكم والمعبود باقٍ، فلا وجه لرجوعكم عن الدين الحق لو مات من بلغكم إياه.

روي (٢) أنه لما رمى عبد الله بن قميئة الحارثي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بحجرٍ فكسر رباعيته، وشج وجه، فذب عنه مصعب بن عمير رضي الله عنه وكان صاحب راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ حتى قتله ابن قميئة، وهو يرى أنه قتل النبيَّ عليه الصلاة والسلام فقال: قد قتلت محمدًا، وصرخ صارخ أن محمدًا قد قتل، فانكفأ الناس، وجعل الرسول عليه السلام يدعو "إليَّ عبادَ الله" فانحاز إليه ثلاثون من أصحابه، وحموه حتى كشفوا عنه المشركين، وتفرق الباقون، وقال بعضهم: ليت لنا رسولًا إلى عبد الله بن أبي، فيأخذ لنا أمانًا من أبي سفيان، وقال ناسٌ من المنافقين: لو كان محمد نبيًّا لما قتل، ارجعوا إلى إخوانكم، ودينكم الأول، وقال أنس بن النضر؛ عم أنس بن مالك في تلك الساعة التي زاغت فيها الأبصار والبصائر، وبلغت فيها القلوب الحناجر، يا قوم إن كان محمد قد قتل، فإن رب


(١) الفتوحات الإلهية.
(٢) البيضاوي.