{وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: المعترفين بكونهم مسيئين مقصِّرين، فلما اعترفوا بذلك سماهم الله محسنين، كأنه تعالى يقول لهم: إذا اعترفتم بإساءتكم وعجزكم .. فأنا أصفكم بالإحسان, وأجعلكم أحباء لنفسي حتى تعلموا أنه لا سبيل للعبد إلى الوصول إلى رضا الله تعالى، إلا بإظهار الذلة والمسكنة والعجز.
وقال أبو حيان: وفسَّر المفسرون {الْمُحْسِنِينَ} هنا بأحد معنيين:
الأول: من أحسن ما بينه وبين ربه بلزوم طاعته.
والثاني: من ثبت في القتال مع نبيه حتى يقتل أو يغلب؛ لأنهم هم الذين يقيمون سننه في أرضه، ويظهرون أعمالهم، وأنهم جديرون بخلافة الله فيها، ولا تكون أعمالهم إلا بما يرضي الله تعالى، فهي من الله ولله. وفي هذا تعليمٌ من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يقولوا مثل هذا: عند لقاء العدو، وفيه دقيقةٌ لطيفةٌ، وهي أنهم لمَّا اعترفوا بذنوبهم، وكونهم مسيئين سماهم الله تعالى محسنين.
{وَسَارِعُوا}{الواو} استئنافية، أو عاطفة. {سَارِعُوا} فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، أو معطوفة على جملة قوله {وَأَطِيعُوا اللَّهَ} عطفًا تفسيريًّا {إِلَى}{مَغْفِرَةٍ} جار ومجرور متعلق بـ {سَارِعُوا}. {مِنْ رَبِّكُمْ} جار ومجرور، ومضاف إليه متعلق بمحذوف صفة لـ {مَغْفِرَةٍ} تقديره: كائنة من ربكم. {وَجَنَّةٍ} معطوف على مغفرة. {عَرْضُهَا} مبتدأ، ومضاف إليه. {السَّمَاوَاتُ} خبر. {وَالْأَرْضُ} معطوف عليه، ولكنه على حذف مضاف تقديره: مثل عرض السموات والأرض، والجملة الإسمية في محل الجر صفة {أُوْلِي} لـ {جَنَّةٍ}{أُعِدَّتْ} فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على {جَنَّةٍ}. {لِلْمُتَّقِينَ} متعلق به، والجملة الفعلية في محل الجر صفة ثانية لـ {جَنَّةٍ}. ويجوز (١) أن تكون حالًا