الرباعي يصر إصرارًا. والإصرار اعتزام الدوام على الشيء، وترك الإقلاع عنه من صر الدنانير إذا ربط عليها، ومنه صرة الدنانير لما يربط منها ({وَلَا تَهِنُوا} أصل {تَهِنُوا} توهنوا حذفت الواو لوقوعها بين ياءٍ وكسرة في الأصل، ثم أجريت حروف المضارعة مجرى الياء، في ذلك يقال: وهن بالفتح في الماضي يهن بالكسر في المضارع، ونقل أنه يقال: وهن ووهن بضم الهاء وكسرها في الماضي، ووهن يستعمل لازمًا ومتعديًا، يقال: وهن زيدٌ إذا ضعف قال تعالى: {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} ووهنته إذا أضعفته. ومنه الحديث:"وهنتهم حمى يثرب"؛ أي: أضعفتهم، والمصدر على الوهن، والوهن بفتح العين وسكونها.
{وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}{الْأَعْلَوْنَ} جمع أعلى، والأصل: أعليون فتحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فانقلبت ألفًا، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، وبقيت الفتحة لتدل عليها، وإن شئت قلت: استثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فالتقى ساكنان أيضًا، الياء، والواو، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وإنما احتجنا إلى ذلك؛ لأن واو الجمع لا يكون ما قبلها إلّا مضمومًا لفظًا أو تقديرًا، وهذا مثال التقدير اهـ سمين.
{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} داول من باب فاعل، والمداولة المناوبة على الشيء، والمعاودة وتعهده مرةً بعد أخرى، يقال: داولت بينهم الشيء فتداولوه، كأن المفاعلة بمعنى أصل الفعل. وعبارة "الخازن": المداولة نقل الشيء من واحد إلى واحد آخر، يقال: تداولته الأيدي إذا انتقل من واحد إلى آخر، والمعنى: إنَّ أيام الدنيا دول بين الناس، يوم لهؤلاء، ويوم لهؤلاء، فكانت الدولة للمسلمين يوم بدر، وللكفار يوم أحد. انتهى.
{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (١٤١)} أصل المحص كالفحص في اللغة: التنقية، والإزالة، لكن الفحصُ يقال: في إبراز الشيء عن خلال أشياء منفصلة عنه، والمحص في إبرازه عن أشياء متصلة به. وفي "القاموس": محص الذهب بالنار - من باب منع - أخلصه مما يشوبه، والتمحيص الابتلاء، والاختبار: انتهى. وأصل المحق نقص الشيء قليلًا قليلًا.