للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} ليس المراد خصوص السير، بل المراد استعلام ما وقع للأمم الماضية بسيرٍ أو غيره، بل هو مجازٌ عن إجالة الخاطر في ذلك، ثم التأمل للتسلي والاتعاظ.

{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ} فيه التفات من التكلم إلى الغيبة، والسر في هذا الالتفات تعظيم شأن الجهاد في سبيل الله.

{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} ونفي المحبة فيه كنايةٌ عن البغض، وفي إيقاعه على الظالمين تعريض بمحبته تعالى لمقابليهم.

{فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} فيه توبيخٌ لهم على أنهم تمنوا الحرب، وتسببوا فيها، ثم جبنوا وانهزموا عنها، أو توبيخٌ لهم على الشهادة، فإن في تمنيها تمني غلبة الكافرين، وفي إيثار الرؤية على الملاقاة، وتقييدها بالنظر مزيد مبالغةٍ في مشاهدتهم له.

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} القصر فيه قصر قلب، للرد عليهم في اعتقادهم؛ أنه معبودٌ، وهم وإن لم يعتقدوا ذلك حقيقةً لكن نزلوا منزلة من اعتقد ألوهيته لا رسالته؛ حيث رجعوا عن الدين الحق؛ لما سمعوا بقتله فكأنهم اعتقدوه معبودًا، وقد مات فرجعوا عن عبادته.

{انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} وهذا كنايةٌ عن الرجوع للكفر، لا حقيقة الانقلاب على الأعقاب الذي هو السقوط إلى خلف. قال في "تلخيص البيان": هذه استعارةٌ، والمراد به الرجوع عن دينه، فشبه سبحانه الرجوع في الإرتياب بالرجوع على الأعقاب.

وقال أبو حيان (١): وقد تضمنت هذه الآيات فنونًا من الفصاحة والبديع والبيان:

من ذلك: الاعتراض في قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وفي قوله: {وَمَن


(١) البحر المحيط.