للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} وفي قوله: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} دليلٌ على إبطال التقليد؛ إذ لا برهان مع المقلد.

والمعنى: أنه سبحانه وتعالى سيحكم في أعدائكم الكافرين سننه، ويلقي في قلوبهم الرعب بسبب إشراكهم بالله أصنامًا، ومعبوداتٍ لم يقم برهانٌ من عقلٍ، ولا نقل على ما زعموا من ألوهيتها، وكونها واسطة بين الله وبين خلقه، وإنما قلدوا في ذلك آباءهم الذين ضلوا من قبل، ومن ثم كانوا عرضة لاضطراب القلب، واتباع خطوات الوهم، فهم يعدون الوساوس أسبابًا، والهواجس مؤثرات وعللًا، ويرجون الخير مما لا يرجى منه الخير، ويخافون مما لا يخاف منه الضير.

وفي الآية: إيماءٌ إلى بطلان الشرك وسوء أثره في النفوس، إذ طبيعته تورث القلوب الرعب باعتقادِ؛ أن لبعض المخلوقات تأثيرًا غيبيًا وراء السنن الإلهية، والأسباب العادية، فالمشركون الذين جاهدوا الحق وأثروا مقارعة الداعي، ومن استجاب له بالسيف بغيًا، وعدوانًا يرتابون فيما هم فيه، ويتزلزلون إذا شاهدوا الذين دعوهم ثابتين مطمئنين، ولا يزال ارتيابهم يزيد حتى تمتلىء قلوبهم رعبًا.

والخلاصة: أن طبيعة المشركين إذا قاوموكم أيها المؤمنون: أن تكون نفوسهم مضطربةً، وقلوبهم ممتلئةً رعبًا وهلعًا منكم، فلا تخافوهم ولا تبالوا بقول من يدعوكم إلى موالاتهم، والالتجاء إليهم.

وبعد أن بين أحوال هؤلاء المشركين في الدنيا من وقوع الخوف، والهلع في قلوبهم. ذكر أحوالهم في الآخرة فقال: {وَمَأوَاهُمُ}؛ أي: مسكنهم، ومنزلهم، ومقرهم {النَّارُ} في الآخرة بسبب إشراكهم، {وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ}، أي: وقبح مسكن الذين ظلموا أنفسهم، بالإشراك، ومقرهم الذي يستقرون به، ويقيمون فيه، والمخصوص بالذم محذوفٌ تقديره: وبئس مثوى الظالمين النار، وفي جعلها مثواهم بعد جعلها مأواهم، رمزٌ إلى خلودهم فيها. فإن المثوى مكان الإقامة المنبئة عن المكث، وأما المأوى: فهو المكان الذي