للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) ...} الآيات، سبب نزولها: ما أخرجه الإِمام أحمد. (ج١ ص ٢٦٥) حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير المكي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله عَزَّ وَجَلَّ أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها، وتهوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم، ومأكلهم، وحسن منقلبهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله بنا؛ لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ هؤلاء الآيات على رسوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ ...}.

وأخرج الترمذي وحسَّنه (ج ٤ ص ٨٤) عن جابر رضي الله عنه قال: لقيني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا جابر "ما لي أراك منكسرًا" فقلت يا رسول الله: استشهد أبي وترك عيالًا، ودينًا، فقال: "ألا أبشرك بما لقي الله به أباك قال: بلى يا رسول الله، قال: "ما يكلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجابه، وأحيا أباك، فكلَّمه كفاحًا (١) فقال: تمن عليَّ أعطيك قال: يا رب تحييني، فأقتل فيك ثانيةً، قال الرب تعالى علوًّا كبيرًا: إنه قد سبق أنهم لا يرجعون قال: وأنزلت هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ ...} قال الشوكاني في "تفسيره": وعلى كلِّ حال، فالآية باعتبار عمومها تعم كل شهيد.

قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢)} إلى قوله: {وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} سبب نزولها: ما روي (٢) عن ابن عباس قال: لما انصرف أبو سفيان، والمشركون من


(١) كفاحًا: أي مواجهةً بدون حجاب ولا رسول.
(٢) مجمع الزوائد ولباب النقول.