ونحوها: فذهب قوم إلى أنه لا وضوء من خروج هذه الأشياء، يروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وبه قال عطاء وطاووس، والحسن وابن المسيب، وإليه ذهب مالك والشافعي؛ لما روي عن أنس قال: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه. أخرجه الدارقطني.
وذهب قوم إلى إيجاب الوضوء من ذلك، منهم سفيان الثوري، وابن المبارك، وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق، واتفق هؤلاء على أن خروج القليل منه لا ينقض، ويدل على انتقاض الوضوء بخروج هذه الأشياء ما روي عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء فتوضأ، قال معدان: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت له ذلك، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه، أخرجه الترمذي، وقال: هو أصح شيء في هذا الباب.
الفصل الرابع
من نواقض الوضوء: زوال العقل بجنون أو إغماء أو نوم؛ لما روي عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العين وكاء السه، فمن نام .. فليتوضأ". أخرجه أبو داود وابن ماجه.
ويستثنى من ذلك النوم اليسير قاعدًا مفضيًا بمحل الحدث إلى الأرض، ويدل على ذلك ما روي عن أنس قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الأخيرة، حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون. أخرجه أبو داود.
وذهب قوم إلى أن النوم لا ينقض الوضوء بكل حال، وهو قول أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما، وبه قال الحسن وإسحاق والمزني، وذهب قوم إلى أنه لو نام قائمًا أو قاعدًا أو ساجدًا وهو في الصلاة .. فلا وضوء عليه حتى يضطجع، وبه قال سفيان الثوري، وابن المبارك، وأصحاب الرأي، لما روي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ليس على من نام ساجدًا وضوء، حتى يضطجع، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله". أخرجه أحمد ابن حنبل وضعف بعضهم هذا الحديث.