للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{من}؛ لأنها لغير العاقل، نظرًا لجانب الكثرة؛ لأن المملوك يشمل جميع الحيوانات من عبيد وإماء وغيرهم، فالحيوانات غير الأرقاء أكثر في يد الإنسان من الأرقاء، فغلب جانب الكثرة، وأمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى كل مملوك آدمي وغيره.

ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}؛ لأن مقتضى السياق أن يقال وأعتدنا لهم، فوضع الظاهر موضع المضمر، إشعارًا بأن من هذا شأنه فهو كافر بنعمة الله تعالى، ومن كان كافرًا بنعمته فله عذاب يهينه، كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء، فتلخص أن الكافرين هنا بمعنى الجاحدين.

ومنها: التكرار في قوله: {وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} حيث كرر {لا}، وكذلك الباء إشعارًا (١) بأن الإيمان بكل منهما منتف على حدته، فلو قلت: لا أضرب زيدًا وعمرًا .. احتمل نفي الضرب عن المجموع، ولا يلزم منه نفي الضرب عن كل واحد على انفراده، واحتمل نفيه عن كل واحد بانفراده، وإن قلت: ولا عمرًا .. تعين هذا الثاني.

ومنها: تغليب الخطاب على الغيبة في قوله: {فَتَيَمَّمُوا} لأن الضمير فيه عائد لكل من تقدم، من مريض ومسافر ومتغوط ولامس أو ملامس، وفيه تغليب للخطاب على الغيبة، وذلك أنه تقدم غيبة في قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}. وخطاب في: {كُنْتُمْ} و {لمستم}، فغلب الخطاب في قوله {كُنْتُمْ} وما بعده عليه، وما أحسن ما أتى به هنا بالغيبة لأنه كناية عما يستحيا منه، فلم يخاطبهم به، وهذا من محاسن الكلام، ومثله: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)}.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *


(١) الجمل.