للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أوجب في الآية السالفة على جميع المؤمنين طاعة الله وطاعة الرسول .. ذكر في هذه الآية أن المنافقين والذين في قلوبهم مرض لا يطيعون الرسول، ولا يرضون بحكمه، بل يريدون حكم غيره.

وعبارة أبي حيان (١): مناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة؛ لأنه تعالى لما أمر المؤمنين بطاعة الله ورسوله وأولي الأمر .. ذكر أنه يعجب بعد ورود هذا الأمر من حال من يدعي الإيمان، ويريد أن يتحاكم إلى الطاغوت، ويترك الرسول انتهت.

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ...} الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما (٢): أنَّ الله سبحانه وتعالى لما أوجب فيما سلف طاعة الله وطاعة الرسول، وشنَّع على من رغب عن التحاكم إلى الرسول، وآثر عليه التحاكم إلى الطاغوت .. ذكر هنا ما هو كالدليل على استحقاق الرسول للطاعة، وعلى استحقاق المنافقين الذين لم يقبلوا التحاكم للمقت والخذلان؛ لأنهم لم يرضوا بحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين فيما سلف أن الإيمان لا يتم إلا بتحكيم الرسول فيما شجر بينهم من خلاف مع التسليم والانقياد لحكمه .. ذكر هنا قصور كثير من الناس في ذلك؛ لوهن إسلامهم وضعف إيمانهم.

قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ...} الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما: لما أمر الله سبحانه وتعالى فيما سلف بطاعته وطاعة الرسول، ثم شنع على الذين تحاكموا إلى الطاغوت، وصدوا عن الرسول، ثم رغب في تلك الطاعة بقوله: {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} .. حيث على الطاعة، وشوق إليها بذكر مزاياها، وبيان حسن عواقبها، وأنها منتهى ما تصل إليه الهمم، وأرفع ما تشرئب إليه الأعناق.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.