والزراع ورؤساء العمال والأحزاب ومديري الصحف ورؤساء تحريرها، وطاعتهم هي طاعة أولي الأمر.
والأصل الرابع: عرض المسائل المتنازع فيها على القواعد والأحكام العامة المعلومة في الكتاب والسنة، وذلك قوله:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} فهذه الأربعة الأصول هي مصادر الشريعة، ولا بد من وجود جماعة يقومون بعرض المسائل المتنازع فيها على الكتاب والسنة، ممن يختارهم أولو الأمر من علماء هذا الشأن، ويجب على الحكام الحكم بما يقرونه، وبذلك تكون الدولة الإِسلامية مؤلفة من جماعتين:
الأولى: الجماعة المبينة للأحكام الذين يسمون الآن الهيئة التشريعية.
والجماعة الثانية: جماعة الحاكمين والمنفذين وهم الذين يسمون الهيئة التنفيذية. وعلى الأمة أن تقبل هذه الأحكام وتخضع لها سرًّا وجهرًا، وهي بذلك لا تكون خاضعة لأحد من البشر؛ لأنها لم تعمل إلا بحكم الله تعالى، أو حكم رسوله - صلى الله عليه وسلم - بإذنه، أو حكم نفسها الذي استنبطه لها جماعة أهل الحل والعقد والعلم والخبرة من أفرادها، الذين وثقت بإخلاصهم، وعدم اتفاقهم إلا على ما هو الأصلح لها.
وقوله:{إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} شرط جوابه محذوف معلوم مما قبله، تقديره: إن كنتم أيها المؤمنون تصدقون بوحدانية الله وبمجيء اليوم الآخر .. فردوا الشيء المتنازع فيه إلى الله ورسوله، بعرضه على الكتاب والسنة، فإن المؤمن لا يقدم شيئًا على حكم الله، كما أنه يهتم باليوم الآخر أشد من اهتمامه بحظوظ الدنيا، وفي هذا دليل على أن من لم يقدم اتباع الكتاب والسنة على أهوائه وحظوظه .. فإنه لا يكون مؤمنًا حقًّا.
وفي "الخازن" قال العلماء: في الآية دليل على أن من لا يعتقد وجوب طاعة الله وطاعة رسوله ومتابعة السنة والحكم بالأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكون مؤمنًا بالله واليوم الآخر انتهى.
{ذَلِكَ}؛ أي: رد الشيء المتنازع فيه إلى الله ورسوله {خَيْرٌ} لكم من