للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإيمان على عادته تعالى إذا أراد أن يأمر المؤمنين أو ينهاهم.

وقال المراغي: مناسبة هذه الآية لما قبلها (١)؛ يعني قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}: أن الله سبحانه وتعالى، لما بين أولًا في هذه السورة كثيرًا من الأمور الدينية، من عبادته تعالى وعدم الشرك به، والمدنية كمعاملة ذوي القربى والجيران واليتامى والمساكين، والشخصية كأحكام الزواج والمصاهرة والمواريث .. بين هنا في هذه الآيات بعض الأحكام الحربية والسياسية، ورسم لنا الطريق التي نسير عليها في حفظ ملتنا وحكومتنا المبنية على تلك الأصول من الأعداء انتهى.

قوله تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٢): أن الله سبحانه وتعالى لما بين حال ضعفاء الإيمان، الذين يبطئون عن القتال في سبيله .. دلهم بهذه الآية على طريق تطهير نفوسهم من ذلك الذنب العظيم، ذنب القعود عن القتال، وأمر به إيثارًا لما عند الله من الأجر والثواب على ما في الدنيا من نعيم زائل وعرض يفنى.

قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٣): أنه لما أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أولًا بالنفر إلى الجهاد، ثم ثانيًا بقوله: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ثم ثالثًا على طريق الحث والحض بقوله: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ} .. أخبر في هذه الآية بالتقسيم، أن المؤمن هو الذي يقاتل في سبيل الله، وأن الكافر هو الذي يقاتل في سبيل الطاغوت، ليبين للمؤمنين فرق ما بينهم وبين الكفار، ويقويهم بذلك، ويشجعهم ويحرضهم، وأن من قاتل في سبيل الله هو الذي يغلب؛ لأن الله هو وليه وناصره، ومن قاتل في سبيل الطاغوت فهو المخذول المغلوب، والطاغوت هنا الشيطان؛ لقوله: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ}.


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.