الأول: أن أي مخلوق لا يستطيع تصوير الحقائق كما صورها القرآن بلا اختلاف ولا تفاوت في شيء منها.
الثاني: أنه حكى عن الماضي الذي لم يشاهده محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يقف على تاريخه، وعن الآتي، فوقع كما أنبأ به، وعن الحاضر فأخبر عن خبايا الأنفس ومكنونات الضمائر، كما أخبر عما بيتته هذه الطائفة مخالفًا لما تقول للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو ما يقوله لها، فتقبله في حضرته، وترفضه في غيبته.
الثالث: أن أحدًا لا يستطيع أن يأتي بمثله في سنن الاجتماع ونواميس العمران وطبائع الملل والأقوام، مع إيراد الشواهد وضرب الأمثال وتكرار القصة الواحدة بالعبارات البليغة، تنويعًا للعبرة وتلوينًا للموعظة، واتفاق كل ذلك وتوافقه على الصدق، وبراءته من الاختلاف والتناقض.
الرابع: أن أحدًا لا يستطيع أن يأتي بمثله في بيان أصول العقائد وقواعد الشرائع وسياسة الشعوب والقبائل، مع عدم الاختلاف والتفاوت في شيء من ذلك.
الخامس: أن أحدًا لا يستطيع أن يأتي بمثله فيما جاء به من فنون القول، وألوان العبر في أنواع المخلوقات في الأرض أو في السموات، فقد تكلم على الخلق والتكوين، ووصف جميع الكائنات، كالكواكب ونظامها والرياح والبحار والحيوان والنبات، وما فيها من الحكم والآيات، وكان في كل ذلك يؤيد بعضه بعضًا، لا تفاوت فيه ولا اختلاف بين معانيه.
السادس: أنه أخبر عن عالم الغيب والدار الآخرة، وما فيها من الحساب على الأعمال والجزاء العادل، وكان في كل ذلك جاريًا على سنة الله تعالى في تأثير الأعمال الاختيارية في الأرواح، مع الالتئمام بين الآيات الكثيرة، وهو غاية الغايات في ذلك عند من أوتي الحكمة وفصل الخطاب.
هذا بالإضافة إلى أنه نزل منجمًا بحسب الوقائع والأحوال، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الآية أو الآيات يأمر بأن توضع في محلها من سورة كذا، وهو يحفظه حفظًا، وقد جرت العادة بأن من يأتي بكلام من عنده في مناسبات مختلفة لا