للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الوارد في التشهد، فالأحسن هو أن المسلِّم إذا قال السلام عليك .. زيد في جوابه الرحمة، وإن ذكر السلام والرحمة في الابتداء .. زيد في جوابه البركة، وإن ذكر الثلاثة في الابتداء .. أعيدت في الجواب، وجواب السلام إكرام للمسلِّم، وتركه إهانة، والإهانة ضرر، والضرر حرام، وإذا استقبلك واحد فقل: سلام عليكم، واقصد الرجل والملكين، فإنك إذا سلمت عليهما ردا السلام عليك، ومن سلم الملك عليه .. فقد سلم من عذاب الله تعالى. {أَوْ رُدُّوهَا}؛ أي: أجيبوها بمثلها، بأن تقولوا: وعليكم السلام في المثال الأول، أو وعليكم السلام ورحمة الله في المثال الثاني، فمعنى رد السلام جوابه بمثله؛ لأن المجيب يرد قول المسلِّم، وفيه حذف مضاف؛ أي: ردوا مثلها، والتسليم سنة، والرد على الفور فريضة، والأحسن أفضل.

وقد يكون (١) حسن الجواب بمعناه، أو كيفية أدائه، وإن كان بمثل لفظ المبتدأ بالتحية، أو مساويه في الألفاظ أو أخصر منه، فمن قال لك: السلام عليك بصوت خافت، يشعر بقلة العناية، فقلت له: وعليكم السلام بصوت أرفع وبإقبال يشعر بالعناية، أو بزيادة الإقبال والتكريم .. كنت قد حييته بتحية أحسن من تحيته في صفتها، وإن كانت مثلها في لفظها.

والخلاصة: أن الجواب عن التحية له مرتبتان:

أدناهما: ردها بعينها.

وأعلاهما: الجواب عنها بأحسن منها، والمجيب مخير بينهما.

والتحية (٢): تفعلة من حيَّا، وأصلها من الحياة، ثم جُعل السلام تحية؛ لكونه خارجًا عن حصول الحياة، وسبب الحياة في الدنيا أو في الآخرة، والتحية أن يقال: حياك الله؛ أي: جعل الله لك حياة، وذلك إخبار، ثم جُعل دعاء، وهذه اللفظة كانت العرب تقولها، فلما جاء الإِسلام .. بدل ذلك بالسلام، وهو


(١) المراغي.
(٢) الخازن.