للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروي أن رجلًا سلم على ابن عباس فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم زاد شيئًا، فقال ابن عباس: إن السلام انتهى إلى البركة، ويستحب للمسلِّم أن يرفع صوته بالسلام، ليسمع المسلَّم عليه، فيجيبه، ويشترط أن يكون الرد على الفور، فإن أخره ثم رد .. لم يعد جوابًا وكان آثمًا بترك الرد.

المسألة الثانية: في حكم السلام

الابتداء بالسلام سنة مستحبة ليس بواجب، وهو سنة على الكفاية، فإن كانوا جماعة، فسلم واحد منهم .. كفى عن جميعهم، ولو سلم كلهم .. كان أفضل وأكمل. قال القاضي حسين من أصحاب الشافعي: ليس لنا سنة على الكفاية إلا هذا، وفيه نظر؛ لأن تشميت العاطس سنة على الكفاية أيضًا كالسلام، ولو دخل على جماعة في بيت أو مجلس أو مسجد .. وجب عليه أن يسلم على الحاضرين، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفشوا السلام"، والأمر للوجوب، أو يكون ذلك سنة مؤكدة؛ لأن السلام من شعار أهل الإِسلام، فيجب إظهاره أو يتأكد استحبابه.

أما الرد على المسلّم: فقد أجمع العلماء على وجوبه، ويدل عليه قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}؛ والأمر للوجوب؛ لأن في ترك الرد إهانة للمسلِّم، فيجب ترك الإهانة، فإن كان المسلَّم عليه واحدًا .. وجب عليه الرد، وإذا كانوا جماعة .. كان رد السلام في حقهم فرض كفاية، فلو رد واحد منهم .. سقط فرض الرد عن الباقين، وإن تركوه كلهم .. أثموا.

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزىء عن الجلوس أن يرد أحدهم". أخرجه أبو داود.

المسألة الثالثة: في آداب السلام

السنة أن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير". متفق عليه.