ديته كدية المسلم إن قتل عمدًا، وإلا فنصف ديته، وذهب الزهري وأبو حنيفة: إلى أن ديته كدية المسلم لظاهر الآية في أهل الميثاق، وهم المعاهدون وأهل الذمة، وذهب الشافعي: إلى أن دية الكافر ثلث دية المسلم إن كان نصرانيًّا أو يهوديًّا تحل مناكحته، وثلثا عشرها إن كان مجوسيًّا أو كتابيًّا لا تحل مناكحته، وعلى الجملة فالروايات متعارضة ومن ثم اختلف الفقهاء فيها كما سيأتي بسط ذلك إن شاء الله تعالى. {و} على القاتل أيضًا {تحرير رقبة مؤمنة} أي: عتق نفس متصفة بالإيمان ولو صغيرًا لحق الله تعالى، {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} رقبة يعتقها في الكفارة، بأن لم يجد مالًا يشتريها به من مالكها ليحررها من الرق، أو لم يجد رقيقًا، {فـ} عليه {صيام شهرين} قمريين بدلًا عن عتق الرقبة {مُتَتَابِعَيْنِ}؛ أي: متواليين وجوبًا بحيث لا يفصل يومين منهما إفطار في النهار بغير عذر شرعي، فإن أفطر يومًا بغير عذر شرعي، استأنفه وكان ما صامه قبل كأن لم يكن، أما الإفطار بعذر كحيض ونفاس فلا يضر، ولو كان كثيرًا، {تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ}؛ أي: شرع الله سبحانه وتعالى ذلك التكفير توبة على القاتل خطأ، وتجاوزًا عن تقصيره في ترك الاحتياط، حيث لم يبحث عن المقتول وحاله، وحيث لم يجتهد حتى لا يخطيء، لأنه لو بالغ في الاحتياط .. لم يصدر منه ذلك الفعل الخطأ، {وَكاَنَ الَّلهُ} سبحانه وتعالى {عَلِيمًا} بأحوال النفوس وما يطهرها، {حَكِيمًا} فيما شرعه من الأحكام والآداب التي بها هدايتكم وإرشادكم إلى ما فيه سعادتكم في الدنيا والآخرة.
فائدة: حاصل (١) ما ذكره في الخطأ ثلاثة أقسام؛ لأن المقتول إما مؤمن أو كافر معاهد، والأول إما أن تكون ورثته مسلمين أو حربيين، فالمؤمن الذي ورثته مسلمون فيه الدية والكفارة، وكذا الكافر المُؤمَّنُ، أما المؤمن الذي ورثته كفار حربيون ففيه الكفارة فقط.