١ - يرى ابن عباس وفريق من السلف: أن قاتل المؤمن عمدًا لا تقبل له توبة، وهو خالد في النار أبدًا، ويدل على ذلك ما أخرجه أحمد والنسائي عن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرًا أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا".
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة، كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله تعالى"، وروي عن البراء بن عازب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لزوال الدنيا وما فيها أهون عند الله تعالى من قتل مؤمن، ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن .. لأدخلهم الله تعالى النار".
وعن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال:"لو أن الثقلين اجتمعوا على قتل مؤمن .. لأكبهم الله تعالى على مناخرهم في النار، وإن الله تعالى حرم الجنة على القاتل والآمر". وهؤلاء يرون أن التائب من الشرك وقد كان قاتلًا زانيًا تقبل توبته، ولا تقبل توبة المؤمن الذي ارتكب القتل وحده، إذ الأول لم يؤمن بالشريعة التي تحرم هذه الأمور، فله شبه عذر إذا هو كان متبعًا لهواه بالكفر، وما يتبعه، ولم يكن ظهر له صدق النبوة، فلما ظهر له الدليل على أن ما كان عليه كفر وضلال وتاب وأناب وعمل صالحًا كان جديرًا بالعفو، وأما المؤمن الموقن بصحة النبوة وحرمة القتل، فلا عذر له، إذ هو يعلم أن المؤمن أخ له ونصير، فكيف يعود بعد هذا إلى الاستهانة بأمر الله وحكمه، وتوهين أمر دينه بهدم أركان قوته، ومن ثم يهن المسلمون ويضعفون، ويكون بأسهم بينهم شديدًا.
وإنك لترى أنه ما انحلت الرابطة بين المسلمين، وانفصمت عروة الوفاق بينهم، إلا بعد أن أقدم بعضهم على سفك دماء بعض، ورجحوا شهوة الغضب والانتقام على أمر الله تعالى، ومن رجح شهوات نفسه الضارة على أمر الله، وعلى مصلحة المؤمنين بغير شبهة .. فهو جدير بالخلود في النار والغضب واللعنة، إذ هؤلاء تجرؤوا على حدود دينه ولم يبق للشرع حرمة في قلوبهم.