للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال في "الكشاف": هذه الآية فيها من التهديد والإيعاد والإبراق والإرعاد أمر عظيم، وخطب جليل، ومن ثم روي عن ابن عباس أن توبة قاتل المؤمن عمدًا غير مقبولة، والعجب من قوم يقرؤون هذه الآية، ويرون ما فيها، ويسمعون هذه الأحاديث التي تقدم ذكرها، وقول ابن عباس بمنع التوبة، ثم لا تدعهم أشعبيتهم وطماعيتهم الفارغة، واتباعهم هواهم، وما يخيل إليهم مُناهم أن يطمعوا في العفو عن قاتل المؤمن بغير توبة، {فَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} انتهى.

٢ - فريق آخر يرى: أن المراد بالخلود المكث الطويل، لا الدوام؛ لتظاهر النصوص القاطعة بأن عصاة المؤمنين لا يدوم عذابهم، وما في الآية إخبار من الله بأن جزاءه ذلك، لا بأنه يجزيه ذلك، كما جاء في قوله جل ذكره: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} فإنه لو كان المراد منها أنه سبحانه يجز كل سيئة بمثلها، لعارضه قوله جل شأنه: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} ومن ثم روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا أنه قال: "هو جزاؤه إن جازاه"، وبهذا قال جمع من العلماء، وقالوا: هو كما يقول الإنسان لمن يزجره عن أمر: إن فعلت فجزاؤك القتل والضرب، وهو إن لم يجازه .. لم يكن كذابًا، وقد روح عن ابن عباس جواز المغفرة بلا توبة أيضًا، وقال في الآية: هي جزاؤه، فإن شاء .. عذبه، وإن شاء .. غفر له.

٣ - ويري فريق ثالث: أن حكم الآية إنما هو للقاتل المستحل، وحكمه مما لا شك فيه جواب المبتدأ: حكمه، وعكرمة وابن جريج فسرا متعمدًا مستحلًا في الآية؛ أي: ومن يقتل مؤمنًا، متعمدًا لقتله، مستحلًا له .. فجزاؤهُ جهنم خالدًا فيها أبدًا.

الإعراب

{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (٨٨)}.

{فَمَا}: {الفاء}: استئنافية، {ما}: اسم استفهام إنكار في محل الرفع مبتدأ، {لَكُم}: جار ومجرور خبره، تقديره: فأي شيء ثابت لكم، والجملة