للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يغنمكموها، فتغنيكم عن قتل أمثاله لماله. وقرأ (١) عاصم وأبو عمرو وابن كثير والكسائي وحفص {السَّلَامَ} بألف، قال الزجاج: يجوز أن يكون بمعنى التسليم، ويجوز أن يكون بمعنى الانقياد، وقرأ نافع وابن عامر وحمزة وابن كثير من بعض طرقه، وجبلة عن المفضل عن عاصم بفتح السين واللام من غير ألف وهو من الاستسلام، وقرأ أبان بن زيد عن عاصم بكسر السين وإسكان اللام وهو الانقياد والطاعة، وقرأ الجحدري بفتح السين وسكون اللام، وقرأ أبو جعفر {مؤمنًا} بفتح الميم؛ أي: لا نؤمنك في نفسك، وهي قراءة علي وابن عباس وعكرمة وأبي العالية ويحيى بن يعمر، ومعنى قراءة الجمهور: ليس لإيمانك حقيقة إنك أسلمت خوفًا من القتل، {كَذَلِكَ}؛ أي: مثل هذا الرجل الذي ألقى إليكم السلام، فقلتم له لست مؤمنًا فقتلتموه، {كُنتُم} أنتم {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: في أول إسلامكم لا يظهر للناس منكم إلا مثل ما ظهر منه لكم من تحية الإِسلام ونحوها، يعني (٢) من قبل أن يعز الله تعالى دينه كنتم تستخفون أنتم بدينكم، كما استخفى هذا الذي قتلتموه بدينه من قومه حذرًا على نفسه منهم، وقيل: معناه كذلك كنتم تأمنون في قومكم بهذه الكلمة، فلا تحقّروا من قالها ولا تقتلوه، وقيل معناه: كذلك كنتم من قبل مشركين. {فَمَنَّ اللَّهُ} وتفضل {عَلَيْكُمْ} بالإِسلام والهداية، فلا تقتلوا من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقيل معناه: منَّ عليكم بإعلان الإِسلام بعد الاختفاء، وقيل منَّ عليكم بالتوبة، وقيل قبل منكم تلك الكلمة، وعصم بها دماءكم وأموالكم، ولم يأمر بالتفحص عن سرائركم؛ أي: إنكم أول ما دخلتم في الإِسلام حقنت دماؤكم وأموالكم بالنطق بكلمة الشهادة، من غير نظر إلى معرفة أن ما في القلب موافق لما في اللسان، ومن الله تعالى عليكم بذلك، فعليكم أن تعملوا مع الداخلين في الإِسلام كما عمل معكم، وأن تعتبروا بظاهر القول، ولا تقولوا إن إقدامه على التكلم بهذه الكلمة إنما كان لأجل الخوف من السيف، {فَتَبَيَّنُوا}؛ أي: فكونوا على بيان ويقين من الأمر الذي تقدمون عليه، ولا تأخذوا بالظن، بل تدبروا ليظهر لكم أن


(١) البحر المحيط.
(٢) الخازن.