واللام منها: ثلاثة عشر، وبالحاء والميم سبعة، وبالطاء أربعة، وبالكاف واحدة، وبالياء واحدة، وبالصاد واحدة، وبالنون واحدة. وبعض هذه الحروف المبدوء بها أحاديّ، وبعضها ثنائي، وبعضها ثلاثي، وبعضها رباعيّ، وبعضها خماسيّ، ولا تزيد عليه.
وعبارة «الروح» هنا: واعلموا أنّهم تكلّموا في شأن هذه الفواتح الكريمة، وما أريد بها. فقيل: إنّها من العلوم المستورة، والأسرار المحجوبة؛ أي: من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، وهي سرّ القرآن، فنحن نؤمن بظاهرها، ونكل العلم فيها إلى الله تعالى، وفائدة ذكرها: طلب الإيمان بها، والإشارة إلى أنّ القرآن إنّما نزل للإعجاز. وقيل: كلّ حرف منها مفتاح اسم من أسمائه تعالى، فالألف: مفتاح اسم الجلالة، واللام: مفتاح اسم اللطيف، والميم: مفتاح اسم المجيد، كما أنّ قوله تعالى:{الر} أنا الله أرى، و {كهيعص} أنا الله الكريم الهادي الحكيم العليم الصادق، وكذا قوله تعالى:{ق} إشارة إلى أنّه القادر، و {ن} إشارة إلى أنّه النور الناصر، فهي حروف مقطعة كلّ منها مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى، والاكتفاء ببعض الكلمة معهود في العربية، كما قال الشاعر:
قلت لها قفي فقالت ق
أراد قالت: وقفت وقال زهير:
بالخير خيرات وإن شرّا فا ... ولا أريد الشّرّ إلّا أن تا
أراد وإن شرّا فشرّ، وأراد إلّا أن تشا. وقيل: إنّ هذه الحروف ذكرت في أوائل بعض السور؛ لتدل على أنّ القرآن مؤلّف من الحروف التي هي: أب ت ث، فجاء بعضها مقطعا، وبعضها مؤلّفا؛ ليكون إيقاظا لمن تحدّى بالقرآن، وتنبيها لهم على أنّه منتظم من عين ما ينظّمون منه كلامهم، فلولا أنّه خارج عن طوق البشر نازل من عند خلّاق القوى والقدر؛ لأتوا بمثله. هذا ما جنح إليه أهل التحقيق.
وقال الشيخ الأكبر - رحمه الله تعالى في «تفسيره»: وأمّا الحروف المجهولة التي أنزلها الله تعالى في أوائل السور، فسبب ذلك؛ من أجل لغو العرب عند