في قصر الصلاة، لئلا يجدوا إلى قتلكم واغتيالكم سبيلًا، وإنَّما قال:{عَدُوًّا} ولم يقل: أعداء؛ لأنه يستوي فيه الواحد والجمع.
فصل في أحكام تتعلق بالآية وفيه مسائل
المسألة الأولى في حكم القصر: قصر الصلاة في حالة السفر جائز بإجماع الأمة، وإنَّما اختلفوا في جواز الإتمام في حال السفر، فذهب أكثر العلماء إلى أن القصر واجب في السفر، وهو قول عمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس، وبه قال الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة، وهو قول مالك وأبي حنيفة، ويدل عليه ما روي عن عائشة قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين، ثم أتمها في الحضر، وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى. وفي رواية أخرى قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر، أخرجاه في "الصحيحين".
وذهب قوم إلى جواز الإتمام في السفر، ولكن القصر أفضل، يروى ذلك عن عثمان وسعد بن أبي وقاص، وإليه ذهب الشافعي وأحمد، وهو رواية عن مالك أيضًا، ويدل على ذلك ما روى البغوي بسند الشافعي عن عائشة قالت: كل ذلك قد فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قصر وأتمّ. وعن عائشة أنَّها اعتمرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة، حتى إذا قدمت مكة .. قالت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت، وصمت وأفطرت، قال: "أحسنت يا عائشة، وما عاب علي. أخرجه النسائي، وظاهر القرآن يدل على ذلك؛ لأن الله تعالى قال:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}. ولفظة {لَّا جُنَاحٌ} إنَّما تستعمل في الرخصة لا فيما يكون حتمًا كما مر، وأجيب عن حديث عائشة (فرض الله الصلاة ركعتين) بأن معناه: فرضت ركعتين أولًا، وزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتم وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار عليها، وثبت جواز الإتمام بدليل آخر، فوجب المصير إليه، ليمكن الجمع بين دلائل الشرع.