الربا:{فَأذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} فمن لم يذعنوا لأحكام الشريعة .. يعدوا حاربين لله والرسول، ويجب على الإِمام الذي يقيم العدل ويحفظ النظام أن يقاتلهم على ذلك، كما فعل أبو بكر بمانعي الزكاة حتى يفيئوا ويرجعوا إلى أمر الله تعالى، ومن رجع منهم في أي وقت يقبل منه، ويكف عنه، وقوله:{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}؛ أي: يسعون فيها سعي فساد؛ أي: مفسدين لما صلح من أمور الناس في نظم الاجتماع وأسباب المعاش. وجمهور العلماء على أن الآية نزلت في قطاع الطريق من المسلمين، كما تدل على ذلك حادثة العرنيين الذين خدعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين بإظهار الإِسلام، حتى إذا تمكنوا من الإفساد بالقتل، والسلب .. عادوا إلى قومهم، وأظهروا شركهم معهم، وقد عاقبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل عقوبتهم عملًا بقوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ويشترط في المحاربين ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون معهم سلاح، وإلا كانوا غير محاربين.
الثاني: أن يكون ذلك في الصحراء، فإن فعلوا ذلك في البنيان لم يكونوا محاربين كما قال أبو حنيفة والثوري وإسحاق.
الثالث: أن يأتوا مجاهرة، ويأخذوا المال، فإن أخذوه خفية .. فهم سراق، وإن اختطفوه وهربوا .. فهم منتبهون لا قطع عليهم، وكذا إن خرج الواحد والإثنان على آخر قافلة، فاستلبوا منها شيئًا؛ لأنهم لا يرجعون إلى قوة ومنعة، وإن خرجوا على عدد يسير فقهروهم .. فهم قطاع طريق.
والجزاء الذي يعاقب به أمثال هؤلاء المفسدين أحد أنواع أربعة: إما القتل، أو الصلب، أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف، أو النفي من الأرض، وفوض لأولي الأمر الاجتهاد في تقدير العقوبة بقدر الجريمة.
والحكمة في عدم التعيين والتفصيل: أن المفاسد كثيرة تختلف باختلاف الزمان والمكان، وضررها يختلف كذلك، فمنها القتل، ومنها السلب، ومنها هتك الأعراض، ومنها إهلاك الحرث والنسل؛ أي: قطع الشجر، وقلع الزرع، وقتل المواشي، والدواب، أو الجمع بين جريمتين أو أكثر من هذه المفاسد، فللإمام أن يقتلهم إن قتلوا، أو يصلبهم إنْ جمعوا بين أخذ المال والقتل، أو