للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يفسدون في الأرض، ويأكلون أموال الناس بالباطل جهرة، وأمر بتقوى الله، وابتغاء الوسيلة، والجهاد في سبيله، وهي الأعمال التي يكمل بها الإيمان, وتتهذب بها النفوس، حتى تنفر من الحرام، وتبتعد عن المعاصي .. ذكر هنا عقاب اللصوص الذين يأكلونها كذلك خفية، وجمع في هذه الآيات بين الوازع الداخلي: وهو الإيمان والصلاح، والوازع الخارجي: وهو الخوف من العقاب والنكال.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...} مناسبتها لما قبلها (١): أنّه تعالى لما ذكر تصرفه في أحكام السراق، ولم يحاب ما ذكر من العقوبات عليهم .. نبه على أن ذلك هو تصرف في ملكه، وملكه لا معقب لحكمه فيه، فيعذب من يشاء عذابه، وهم المخالفون لأوامره، ويغفر لمن يشاء وهم التائبون.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ...} مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنَّه تعالى لما بين أحكام الحرابة والسرقة، وكان في ذكر المحاربين أنَّهم يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فسادًا .. أمره تعالى أنْ لا يحزن، ولا يهتم بأمر المنافقين وأمر اليهود من تعنتهم وتربصهم به، وبمن معه الدوائر، ونصبهم له حبائل المكروه، وما يحدث لهم من الفساد في الأرض، ونصب المحاربة لله ولرسوله، وغير ذلك من الرذائل الصادرة عنهم.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ...} الآية، سبب نزولها (٢): ما أخرجه أحمد وغيره عن عبد الله بن عمرو: أن امرأة سرقت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقطعت يدها اليمنى، فقالت: هل لي من توبة يا رسول الله؟ فأنزل الله في سورة المائدة {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ ...} الآية.


(١) البحر المحيط.
(٢) لباب النقول.