للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالقطع فيما بلغ ثمن المجن" هكذا رواه مالك منقطعًا، وهو رواية من حديث عبد الله بن عمرو المتقدم، فإن هذه الرواية عن أبي حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وجده هو عبد الله بن عمرو بن العاص. قوله: "ولا في حريسة الجبل" من العلماء من يجعل الحريسة السرقة نفسها يقال: حرس يحرس حرسًا، إذا سرق، ومنهم من يجعلها المحروسة. ومعنى الحديث: أنَّه ليس فيما يحرس في الجبل إذا سرق قطع؛ لأنه ليس بحرز، وقيل: حريسة الجبل هي الشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل مأواها، والمراح - بضم الميم - هو الموضع الذي تأوي إليه الماشية بالليل.

وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع" أخرجه الترمذي والنسائي.

المسألة الرابعة: إذا سرق مالًا له فيه شبهة، كالولد يسرق من مال والده، أو الوالد يسرق من مال ابنه، أو العبد يسرق من مال سيده، أو الشريك يسرق من مال شريكه .. فلا قطع على أحد من هؤلاء فيه. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا تقطع المرأة إذا سرقت من مال زوجها, ولا هو إذا سرق من مال زوجته. وقال مالك: يقطعان، ذكره أبو حيان في "البحر".

المسألة الخامسة: إذا سرق أول مرة .. قطعت يده اليمنى من الكوع، وإذا سرق ثانية .. قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم، واختلفوا فيما إذا سرق مرة ثالثة، فذهب أكثرهم إلى أنَّه تقطع يده اليسرى، فإن سرق مرة رابعة .. قطعت رجله اليمنى، ثم إذا سرق بعد ذلك .. يعزر ويحبس حتى تظهر توبته. يروى هذا عن أبي بكر، وهو قول قتادة، وبه قال مالك والشافعي لما روي عن ابن عباس أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في السارق: "إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله" ذكره البغوي بغير سند. وذهب قوم إلى أنه إنْ سرق بعدما قطعت يده ورجله .. فلا قطع عليه بل يحبس. وروي عن علي أنه قال: إني أستحيي أن لا أدع له يدًا يستنجي بها, ولا رجلًا يمشي بها. وهذا قول الشعبي والنخعي والأوزاعي، وبه قال أحمد وأصحاب الرأي.