وهو المراد هنا؛ لأنّه أشدّ مناسبة للختم، وهو المختوم عليه أصالة.
والمعنى: أصمّ مواضع سمعهم، فلا يسمعون الحقّ، ولا ينتفعون به: لأنّها تمّجه، وتنبو عن الإصغاء إليه. وقرىء شاذا {وعلى أسماءهم}، كما سيأتي في مبحث القراءة.
وإنّما أفرده وجمع صاحبيه؛ لأنّه مصدر، والمصدر لا يثنى ولا يجمع.
وقيل: أفرده لوحدة المسموع، وهو الصوت، كذا في «الجمل». وفي «الروح»: وفي توحيد السمع وجوه (١):
أحدها: أنّه في الأصل مصدر، والمصادر لا تثنى ولا تجمع؛ لصلاحيتها للواحد والاثنين والجماعة.
فإن قلت: فلم جمع الأبصار والواحد بصر، وهو كالسمع؟
قلنا: إنّه اسم للعين، فكان اسما لا مصدرا فجمع لذلك.
وثانيها: أنّ فيه إضمارا، أي: على مواضع سمعهم وحواسّه، كقوله تعالى:{وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} أي: أهلها. وثبت هذا الإضمار بدلالة أنّ السمع فعل، ولا يختم على الفعل، وإنّما يختم على محله.
وثالثها: أنّه أراد سمع كلّ واحد منهم، والإضافة إلى الجمع تغنى عن الجمع، وفي التوحيد أمن اللبس، كما في قول الشاعر:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا ... فإنّ زمانكم زمن خميص
أي: في أنصاف بطونكم، إذا البطن لا يشترك فيه.
ورابعها: قول سيبويه: أنّه توسّط بين جمعين، فدلّ على أنّه جمع معنى وإن توّحد لفظا، كما في قوله:{يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ}، دلّ على الأنوار ذكر الظلمات.