للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الاستحفاظ. انتهى. {وَكَانُوا عَلَيْهِ} أي: على الكتاب {شُهَدَاءَ}؛ أي: كان هؤلاء النبيون والربانيون والأحبار شهداء على أن كل ما في التوراة حق وصدق، وأنَّه من عند الله، فحقًّا كانوا يمضون أحكام التوراة، ويحفظونه عن التحريف والتغيير.

وعبارة المراغي: {وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ}؛ أي: وكان السلف الصالح منهم رقباء على الكتاب وعلى من تحدثه نفسه العبث به كما فعل عبد الله بن سلام في مسألة الرجم، لا كما فعل الخلف من كتمان بعض أحكامه اتباعًا للهوى، أو خوفًا من أشرافهم إن أقاموا عليهم حدوده، وطمعًا في صلاتهم إذا هم حابوهم، ومما كتموه صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - والبشارة به، ثم خاطب الله تعالى رؤساء اليهود الذين كانوا زمن التنزيل لا يخافون الله في الكتمان والتبديل بعد أن قص سيرة السلف الصالح من بني إسرائيل لعلهم يعتبرون ويرعوون عن غيهم فقال: {فَلَا تَخْشَوُا} يا رؤساء اليهود. {النَّاسَ}؛ أي: ملوككم وأشرافكم في الحكم عليهم بكتابي {وَاخْشَوْنِ}؛ أي: وخافوا عقابي في كتمان كتابي؛ أي: إياكم وأن تحرفوا كتابي أيها اليهود للخوف من الناس والملوك والأشراف فتسقطوا عنهم الحدود الواجبة عليهم، وتستخرجوا الحيل في سقوط تكاليف الله تعالى عنهم، فلا تكونوا خائفين من الناس بل كونوا خائفين مني ومن عقابي في كتمان الأحكام ونعوت محمد - صلى الله عليه وسلم -. والمعنى: وإذا كان حال أسلافكم وسيرتهم كما ذكر أيها اليهود المعاصرون لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ولا شك أنكم لا تنكرونه كما تنكرون غيره مما قصه الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - .. فلا تخشوا الناس فتكتموا ما عندكم من الكتاب خشية أحد أو طمعًا في منفعة عاجلة منه، واخشوني واقتدوا بمن كان قبلكم من الربانيين والأحبار, واحفظوا التوراة ولا تعدلوا عن ذلك، فإن النفع والضر بيدي.

{وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي}؛ أي: ولا تستبدلوا بآياتي التي في التوراة {ثَمَنًا قَلِيلًا}؛ أي: عوضًا يسيرًا من الدنيا؛ أي: لا تأخذوا بكتمانها عرضًا قليلًا من الدنيا؛ أي: كما نهيتكم عن تغيير أحكامي لأجل الخوف من الناس .. فكذلك أنهاكم عن التغيير والتبديل لأجل الطمع في المال والجاه، وأخذ الرشوة، فإن كل متاع الدنيا قليل، وما عند الله خير وأبقى.