للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر (١) أنَّ من تولى الكافرين من دون الله يعد منهم، وأن الذين يسارعون فيهم مرضى القلوب مرتدون بتوليهم إياهم، فإن أخفوا ذلك فإظهارهم للإيمان نفاق .. بين هنا حقيقة دغمها بخبر من الغيب يظهره الزمن المستقبل، فالحقيقة أن المنافقين ومرضى القلوب لا غناء فيهم، ولا يعتد بهم في نصر الدين وإقامة الحق، فالله إنَّما يقيم دينه بصادقي الإيمان الذين يحبهم فيزيدهم رسوخًا في الحق، وقوةً على إقامته، ويحبونه، فيؤثرون ما يحبه من إقامة الحق والعدل على سائر ما يحبون من مال ومتاع وأهل وولد. وخبر الغيب أنَّه سيرتد بعض الذين آمنوا عن الإِسلام جهرًا ولا يضره ذلك؛ لأن الله تعالى يسخر من ينصره ويحفظه.

قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ...} الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما: أن الله سبحانه وتعالى لما نهى (٢) في الآيات السابقة عن موالاة الكافرين .. أمر هنا في هذه الآية بموالاة من تجب موالاتهم، وهم الله ورسوله والمؤمنون.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لما نهى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء من دونه، وبين العلة في ذلك، فأرشد إلى أن بعضهم أولياء بعض، ولا يوالي المؤمنين منهم أحد، ولا يواليهم ممن يدعون الإيمان إلا مرضى القلوب والمنافقون الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر .. أعاد النهي هنا عن اتخاذ الكفار عامة أولياء مع بيان الوصف الذي لأجله كان النهي وهو إيذاؤهم للمؤمنين بجميع ضروب الإيذاء ومقاومتهم دينهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.

أسباب النزول

قوله تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (٣) ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.