للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مردويه والبيهقي في "الدلائل"، وابن عساكر عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. تشبث بأمرهم عبد الله بن أبيّ بن سلول، وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وكان أحد بني عوف بن الخزرج، وله من حلفهم مثل الذي كان لهم من عبد الله بن أبي بن سلول، فخلعهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم، وفيه وفي عبد الله بن أبيّ نزلت الآيات في المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} إلى قوله: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.

قال ابن كثير: واختلف المفسرون (١) في سبب نزول هذه الآيات الكريمات، فذكر السدي أنَّها نزلت في رجلين قال أحدهما لصاحبه بعد وقعة أُحد: أما أنا فإنِّي ذاهب إلى ذلك اليهودي فآوي إليه، وأتهود معه لعله ينفعني إذا وقع أمر وحدث حادث، وقال الآخر: أمَّا أنا فإني ذاهب إلى فلان النصراني بالشام، فآوي إليه وأتنصَّر معه فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ...} الآيات. وقال عكرمة: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني قريظة فسألوه: ماذا هو صانع بنا؟ فأشار بيده إلى حلقه؛ أي: إنه الذبح. رواه ابن جرير، وقيل غير ذلك.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (٢) ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإِسلام، وكان رجال من المسلمين يوادونهما، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا}. إلى قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ}. وأخرج البيهقي في "الدلائل" من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} قال:


(١) ابن كثير.
(٢) الشوكاني.