تقدم مع زيادة في قوله:{عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ}. {فَضْلُ اللَّهِ} إحسانه وكرامته {يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}؛ أي: يعطيه ويكرم به من يشاء كرامته من عباده {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {وَاسِعٌ} الفضل كثير العطايا {عَلِيمٌ} بمن يستحقه ومن هو أهل لها.
تتمة فيما يتعلق بالآية: روى ابن جرير عن قتادة قال: أنزل الله هذه الآية يعني قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} الآية. وقد علم أنه سيرتد مرتدون من الناس، فلما قبض الله نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - .. ارتد عامة العرب عن الإسلام إلا ثلاثة مساجد، أهل المدينة، وأهل مكة، وأهل البحرين من عبد القيس أهل مسجد جواثي قالوا - أي المرتدون - نصلي ولا نزكي، والله لا تغصب أموالنا، فكلم أبو بكر في ذلك، فقيل له: إنهم لو قد فقهوا لهذا .. أعطوها وزادوها، فقال: لا والله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه، ولو منعوا عقالًا مما فرض الله ووسوله .. لقاتلتهم عليه، فبعث الله عصابة مع أبي بكر، فقاتل على ما قاتل عليه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سبى وقتل وحرق بالنيران أناسًا ارتدوا عن الإِسلام، ومنعوا الزكاة فقاتلهم حتى أقروا بالماعون - الزكاة - صغرة: واحدهم صاغر، وهو المهيمن الذليل، أقمياء: واحدهم قميء، وهو الذليل الضعيف، فأتته وفود العرب فخيرهم بين خطة مخزية أو حرب مجلية، فاختاروا الخطة المخزية، وكانت أهون عليهم أن يقروا أن قتلاهم في النار، وأن قتلى المؤمنين في الجنة، وأن ما أصابوا من المسلمين من مال ردوه عليهم، وما أصاب المسلمون من مال لهم فهو لهم حلال، انتهى.
وعلى هذا فالقوم الذين يحبهم الله ويحبونه هم: أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة، قاله قتادة والضحاك، ورجح ابن جرير: أن الآية نزلت في قوم أبي موسى الأشعري من أهل اليمن، لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ هذه الآية قال:"هم قوم أبي موسى" وإنْ لم يكونوا قاتلوا المرتدين مع أبي بكر؛ لأن الله وعد بأن يأتي بخير عن المرتدين بدلًا منهم، ولم يقل أنَّهم يقاتلون المرتدين، ويكفي في صدق الوعد أن يقاتلوا، ولو غير المرتدين. وقد ارتد كثير من القبائل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده، فقد ارتدت إحدى عشرة فرقة، منها ثلاث في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم: