للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صاحبه، ولهذا تقول العرب: سيف صنيع، إذا جود عامله عمله، فالصنع هو العمل الجيد، لا مطلق العمل فوبخ سبحانه الخاصة وهم العلماء التاركون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما هو أغلظ وأشد من توبيخ فاعل المعاصي، فجعل جزم العاملين ذنبًا غير راسخ، وذنب التاركين للنهي عن المنكر ذنبًا راسخًا، ولذلك ذم بهذا خواصهم، ولأن ترك الإنكار على المعصية أقبح من مواقعة المعصية؛ لأن النفس تلتذ بها؛ لأنها مرض الروح وهو صعب شديد ولا يكاد يزول، ولا كذلك ترك الإنكار عليها فيدخل في هذا الذم كل من كان قادرًا على النهي عن المنكر من العلماء وغيرهم، وتركه وقال ابن المبارك:

وَهَل أفْسَدَ الدِّيْنَ إِلَّا المُلُوْ ... كَ وَأَحْبَارُ سُوْءٍ وَرُهْبَانُهَا

وقيل: غاير في العبارة بين المقامين لتفنن الفصاحة، ولترك تكرار اللفظ. فليفتح العلماء لهذه الآية مسامعهم، ويفرجوا لها عن قلوبهم، فإنّها قد جاءت بما فيه البيان الشافي لهم، بأن كفهم عن المعاصي مع ترك إنكارهم على أهلها، لا يسمن ولا يغني من جوع، بل هم أشد حالًا وأعظم وبالًا من العصاة، فرحم الله عالمًا قام بما أوجبه الله عليه من فريضة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فهو أعظم ما افترضه الله عليه، وأوجب ما أوجب عليه، النهوض به، اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين، ومن العلماء العاملين الآمرين بالمعروف، الناهين عن المنكر، الذين لا يخافون فيك لومة لائم، وصل وسلم اللهم على من أرسلته رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين آمين.

الإعراب

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)}.

{يَا أَيُّهَا}: {يا}: حرف نداء. {أي}: منادى نكرة مقصودة. {ها}: حرف تنبيه زائد، وجملة النداء مستأنفة. {الَّذِينَ}: اسم موصول في محل الرفع صفة لـ {أي}. {آمَنُوا}: فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول. {لَا تَتَّخِذُوا}: