للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل: في يد الله سبحانه وتعالى

وأما الكلام في اليد: فقد اختلف العلماء في معناها على قولين: أحدهما: وهو مذهب جمهور السلف وعلماء أهل السنة وبعض المتكلمين وهو الذي نلقى عليه الرب جل جلاله، أن يد الله صفة من صفات ذاته، كالسمع والبصر والوجه، فيجب علينا الإيمان بها، والإذعان والتسليم بها، ونمرها كما جاءت في الكتاب والسنة، بلا كيف ولا تشبيه، ولا تعطيل. قال تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين".

والقول الثاني: قول أهل التأويل، فإنهم قالوا: اليد تذكر في اللغة على وجوه:

١ - الجارحة وهي معلومة.

٢ - النعمة، يقال: لفلان عندي يد أشكره عليها.

٣ - القدرة، قال الله تعالى: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} فسروه بذوي القوى والعقول، ويقال: لا يد لك بهذا الأمر، والمعنى: سلب كمال القدرة.

٤ - الملك يقال: هذه الضيعة في يد فلان؛ أي: في ملكه، ومنه قوله تعالى: {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}؛ أي: يملك ذلك، أما الجارحة .. فمنتفية في صفة الله عَزَّ وَجَلَّ , لأن العقل دل على أنه يمتنع أن تكون يد الله عبارة عن جسم مخصوص وعضو مركب من الأجزاء والأبعاض، تعالى الله عن الجسمية والكيفية والتشبيه علوًّا كبيرًا، فامتنع بذلك أن تكون يد الله بمعنى الجارحة، وأما سائر المعاني التي فسرت بها اليد .. فحاصلة, لأن أكثر العلماء من المتكلمين زعموا أن اليد في حق الله عبارة عن القدرة، وعن الملك، وعن النعمة، وهاهنا إشكالان:

أحدهما: أن اليد إذا فسرت بمعنى القدرة .. فقدرة الله واحدة، ونص القرآن وكذا الحديث السابق آنفًا ناطق بإثبات اليدين للرحمن في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}.