للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستهزأ بهم، وتهكّم بفعلهم، ودعاهم صمّا بكما عميا، وضرب لهم شنيع الأمثال.

فنعى عليهم خبثهم في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ}، ونعى عليهم مكرهم في قوله: {يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}، وفضحهم في قوله: وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ وفي قوله: {وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}، وفي قوله: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، واستجهلهم في قوله: {وَما يَشْعُرُونَ} وفي قوله: {وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ} وفي قوله: {وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ}، وتهكّم بفعلهم في قوله: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى}، ودعاهم صمّا بكما عميا في قوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ} (١٨)، وضرب لهم شنيع الأمثال في قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نارًا ...} إلخ، وفي قوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ}.

وعبارة أبي حيان هنا: مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لمّا ذكر (١) من الكتاب هدى لهم، وهم المتقون الذين جمعوا أوصاف الإيمان من خلوص الاعتقاد، وأوصاف الإسلام من الأفعال البدنية والمالية، وذكر ما آل أمرهم إليه في الدنيا من الهدى، وفي الآخرة من الفلاح. ثمّ أعقب ذلك بمقابلهم من الكفار الذين ختم عليهم بعدم الإيمان، وختم لهم بما يؤولون إليه من العذاب في النيران، وبقي قسم ثالث: أظهروا الإسلام مقالا، وأبطنوا الكفر اعتقادا، وهم المنافقون. أخذ يذكر شيئا من أحوالهم، فقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ}.

الخ.

قوله تعالى: {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ ...} الآية، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه لمّا ذكر في الآيات السابقة مقالتهم الكاذبة، وخداعاتهم العاطلة، وأمراضهم المعضلة، عدّد (٢) في هذه الآيات الثلاث بعض شناعاتهم المترتّبة على كفرهم ونفاقهم. ففصّل بعض خبائثهم وجناياتهم، وذكر


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.