للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هاشم ما خلا رسول الله. ثمّ افترقوا، فقال عبد الله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت، فأثنوا عليه خيرا. فرجع المسلمون إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وأخبروه بذلك، فنزلت هذه الآية). ولكن هذا الإسناد واه جدا، فإنّ السدي الصغير كذّاب، وكذا الكلبي، وأبو صالح ضعيف.

قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ...} الآية، سبب نزوله: ما أخرجه (١) ابن جرير من طريق السدي الكبير، عن أبي مالك، وأبي صالح، عن ابن عباس وعن مرّة، عن ابن مسعود، وناس من الصحابة قالوا: (كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المشركين، فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله فيه رعد شديد، وصواعق، وبرق، كلّما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذانهما؛ من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما، فتقتلهما.

وإذا لمع البرق مشيا في ضوئه، وإذا لم يلمع لم يبصرا، فأتيا مكانهما يمشيان، فجعلا يقولان: ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمدا، فنضع أيدينا في يده، فأتياه فأسلما، ووضعا أيديهما في يده، وحسن إسلامهما). فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة، وكان المنافقون إذا حضروا مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جعلوا أصابعهم في آذانهم؛ فرقا من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم أن ينزل فيهم شيء، أو يذكروا بشيء فيقتلوا، كما كان كذلك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما.

{كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ}؛ أي: فإذا كثرت أموالهم وولدهم، وأصابوا غنيمة أو فتحا مشوا فيها، وقالوا حينئذ: إنّ دين محمد صدق، واستقاموا عليه، كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهما البرق، وإذا أظلم عليهم قاموا، وكانوا إذا هلكت أموالهم وأولادهم، وأصابهم البلاء قالوا: هذا من أجل محمد، وارتدّوا كفارا، كما قال ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما.

وفي «الصاوي»: والمراد من المنافقين هنا: بعض سكان البوادي؛ وبعض


(١) لباب النقول.