للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته"، لكن إذا نزل القرآن بها مجملة فسألتم عن بيانها .. بينت لكم حينئذ لاحتياجكم إليها.

وخلاصة ذلك (١): تحريم السؤال عن الأشياء التي من شأن إبدائها أن يسوء السائلين إلا في حال واحدة، وهي: أن يكون قد نزل في شأنها شيء من القرآن فيه إجمال، وأردتم السؤال عن بيانه ليظهر لكم ظهورًا لا مراء فيه، كما في مسألة تحريم الخمر بعد نزول آية البقرة.

وقال الزمخشري (٢): أي لا تكثروا مسألة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تسألوه عن تكاليف شاقة عليكم إن أفتاكم بها وكلفكم إياها .. تغمكم وتشق عليكم، وتندموا على السؤال عنها. انتهى.

وقال ابن عباس في تفسير الآية (٣): لا تسألوا عن أشياء في ضمن الإخبار عنها مساءة لكم؛ إما لتكليف شرعي يلزمكم، وإما لخبر يسوءكم، مثل الذي قال: أين أبي؟ ولكن إذا نزل القرآن بشيء، وابتدأكم ربكم بأمر، فحينئذ إن سألتم عن بيانه بُيّن لكم وأُبدي. انتهى.

وعبارة "المراح" هنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}؛ أي (٤): إن تظهر لكم تلك الأشياء .. تحزنكم، والمعنى: اتركوا الأمور على ظواهرها، ولا تسألوا عن أحوال مخفية إن تبد لكم تسؤكم، وما بلغه الرسول إليكم فكونوا منقادين له، وما لم يبلغه إليكم فلا تسألوا عنه، فإن خضتم فيما لا يكلف عليكم، فربما جاءكم بسبب ذلك الخوض ما يشق عليكم.

{وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ}؛ أي: وإن تسألوا عن أشياء مست حاجتكم إلى التفسير في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - .. ينزل جبريل بالقرآن ويظهرها حينئذ، فالسؤال على قسمين: سؤال عن شيء لم يجر ذكره في الكتاب والسنة بوجه من الوجوه، فهذا السؤال منهي عنه بقوله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ


(١) المراغي.
(٢) الكشاف.
(٣) البحر المحيط.
(٤) المراح.