للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صلاة العصر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلَّف عديًّا وتميمًا بعدها، ولأن العمل قد جرى عليه، فكان التحليف في ذلك الوقت هو المعروف، ولأنه هو الوقت الذي يقعد فيه الحكام للفصل بين الناس في المظالم والدعاوي؛ إذ يكون الناس قد فرغوا من معظم أعمال النهار، فيجتمعوا وقتئذ، ولأنه وقت تصادم ملائكة الليل وملائكة النهار، ولأن جميع الملل يعظمون هذا الوقت ويجتنبون فيه من الحلف الكاذب، وقيل: أي صلاة كانت، وقيل: من بعد صلاتهما على أنهما كافران كما في "القرطبي".

{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ}؛ أي: فيحلف الشاهدان من غير المسلمين باسم الله؛ أي: فتستحلفونهما أيها الحكام على أنهما ما كذبا في شهادتهما ولا خانا في الوصية. {إِنِ ارْتَبْتُمْ}؛ أي: شككتم أيها الورثة أعني: ورثة الموصي الميت في السفر في صدقهما، واتهمتموهما بالخيانة في الوصية، ورفعتموهما إلى الحكام، أما الأمين: فيصدق بلا يمين. ويقولان في حلفهما والله: {لَا نَشْتَرِي بِهِ}؛ أي: بالقسم بالله {ثَمَنًا}؛ أي: عوضًا يسيرًا من الدنيا {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}؛ أي: ولو كان المقسم له أو المشهود له صاحب قرابة لنا، فإنا نؤثر الحق والصدق، ولا نؤثر العَرَض الدنيوي، ولا القرابة، ونظير هذه الآية قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}.

والخلاصة: أنه يقول الحالف: إنه يشهد لله بالقسط، ولا يصده عن ذلك ثمن يبتغيه لنفسه، ولا مراعاة قريب له إن فرض أنَّ في إقراره وقسمه نفعًا له؛ أي: ولو اجتمعت هاتان الفائدتان.

{وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ}؛ أي: ويقولان في يمينهما أيضًا: ولا نكتم الشهادة التي أوجبها الله، وأمران تقام له كما قال: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}.

وقرأ علي ونعيم بن ميسرة والشعبي بخلاف عنه: {شهادةً اللهَ} بنصبهما وتنوين شهادة، وانتصبا بـ {نَكْتُمُ} والتقدير: ولا نكتم الله شهادة. وعبارة "زاد المسير": وقرأ سعيد بن جبير: {ولا نكتم شهادةً} بالتنوين. {الله} بقطع الهمزة وقصرها وكسر الهاء ساكنة النون في الوصل. وقرأ سعيد بن المسيب وعكرمة: