للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الضمير، وإنما جمع؛ لأن المراد ما يعم الشاهدين المذكورين وغيرهما من سائر الناس.

وفي "الخازن": أن يأتي الوصيان وسائر الناس. وقوله: {أَوْ يَخَافُوا} معطوف في المعنى على محذوف تقديره: ذلك أدنى وأقرب إلى أن يأتوا بالشهادة على وجهها لأجل أن يخافوا من عذاب الآخرة بسبب الكذب والخيانة فيها {أَوْ} لأجل أن {يَخَافُوا} الافتضاح على رؤوس الأشهاد بإبطال أيمانهم والعمل بأيمان الورثة، فينزجروا عن الخيانة المؤدية إلى ذلك إن لم يخافوا من عذاب الآخرة، وذلك بـ {أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ} على الورثة {بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}؛ أي: بعد أيمان الشهود الخائنين في الوصية، فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم، فيفتضحوا، فأي الخوفين وقع حصل المقصود الذي هو الإتيان بالشهادة على وجهها.

والغرض من هذا الكلام (١): بيان المنفعة والفائدة في هذا الحكم الذي شرعه الله في هذا الموضع من كتابه. والمعنى: ذلك (٢) الذي شرعناه من تكليف المؤتمن على الوصية أن يقوم على مرأى من الناس، ويشهد بعد الصلاة، ويقسم الأيمان المغلظة أدنى الطرق وأقربها إلى أن يؤدي الشهداء الشهادة على وجهها بلا تبديل ولا تغيير تعظيمًا لله، ورهبة من عذابه، ورغبة في ثوابه، أو خوفًا من الفضيحة التي تعقب استحقاقهما الإثم في الشهادة برد أيمان الورثة بعد أيمانهم، فتكون مبطلة لها؛ إذ من لم يمنعه خوف الله وتعظيمه أن يكذب لضعف دينه .. يمنعه خوف الخزي والفضيحة بين الناس.

والحاصل (٣): أن الشاهدين أو الوصيين، إذا علما أنهما إن لم يصدقا .. يتوجه اليمين على الورثة، فيحلفون، فينتزعون من الشاهدين ما أخذاه، ويفتضحان بظهور كذبهما .. حملهما ذلك على أحد أمرين: إما الصدق في الشهادة، والحلف من أول الأمر، وإما ترك الحلف الكاذب، فيظهر كذبهم ونكولهم، فبأحد الأمرين يحصل المقصود؛ لأنهم إذا صدقوا ولم يخونوا ..


(١) الشوكاني بتصرف.
(٢) المراغي.
(٣) الفتوحات.