للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالأمر ظاهر، وإن خانوا وامتنعوا من الحلف خوفًا من الفضيحة .. حلف الورثة وانتزعوا ما خان به الشهود، فتأمل.

وعبارة ابن الجوزي (١) هنا: قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى}؛ أي: ذلك الذي حكمنا به من ردّ اليمين أقرب إلى إتيان أهل الذمة بالشهادة على وجهها؛ أي: على ما كانت، وأقرب أن يخافوا أن ترد أيمان أولياء الميت وتكرر بعد أيمانهم، فيحلفون على خيانتهم فيفتضحوا ويغرموا، فلا يحلفون كاذبين إذا خافوا ذلك. انتهت.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ} وراقبوه في أيمانكم أن تحلفوا بها كاذبة وأن تخونوا مَنْ ائتمنكم {وَاسْمَعُوا} ما يقال لكم وما توعظون به سمعَ إجابة وقبول لهذه الأحكام وغيرها. {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}؛ أي: فإن لم تتقوا ولم تسمعوا .. كنتم قومًا فاسقين خارجين عن أمر الله وطاعته، مطرودين من هدايته، مستحقين لعقابه؛ لأن الله تعالى لا يرشد القوم العاصين الكافرين الكاذبين إلى دينه وحجته، أو إلى طريق الجنة.

فائدة: وقد استنبط (٢) العلماء من هاتين الآيتين فوائد وأحكامًا نذكر أهمها فيما يلي:

١ - الحث على الوصية وعدم التهاون في أمرها في سفر أو حضر.

٢ - الإشهاد عليها لتثبيت أمرها والرجاء في تنفيذها.

٣ - بيان أن الأصل في الشاهدين عليها أن يكونا مسلمين موثوقًا بعدالتهما.

٤ - بيان أن إشهاد غير المسلمين على الوصية جائز مشروع؛ لأن مقصد الشارع منه إذا لم يمكن أداؤه على وجه الكمال أن لا يترك ألبتة.

٥ - شرعية اختيار الأوقات التي تؤثِّر في قلوب الشهود ومقسمي الأيمان رجاء أن يصدقوا ويبروا فيها.

٦ - التغليظ على الحالف بصيغة اليمين، بأن يقول فيه ما يرجى أن يكون


(١) زاد المسير.
(٢) المراغي.